في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةً إِن يُرِدۡنِ ٱلرَّحۡمَٰنُ بِضُرّٖ لَّا تُغۡنِ عَنِّي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَا يُنقِذُونِ} (23)

ويتساءل لم لا أعبد الذي فطرني ، والذي إليه المرجع والمصير ? ويتحدث عن رجعتهم هم إليه . فهو خالقهم كذلك . ومن حقه أن يعبدوه .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةً إِن يُرِدۡنِ ٱلرَّحۡمَٰنُ بِضُرّٖ لَّا تُغۡنِ عَنِّي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَا يُنقِذُونِ} (23)

13

{ ءأتخذ من دونه ءالهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون }

المفردات :

لا تغن : لا تنفع .

ولا ينقذون : لا يخلصوني من الضر الذي أرادني الرحمان به .

التفسير :

أثبت في الآية السابقة أن الذي خلقه هو الله وأن العبادة ينبغي أن تتجه إلى الخالق سبحانه وتعالى لا إلى الأصنام التي لم تخلق وهي لا تنفع ولا تضر ولا تشفع ولا تنقذ عابدها من عذاب النار .

ومعنى الآية :

إنه لا يصح لي أن أتخذ من دون الله أصناما أو آلهة أخرى ، كائنة ما كانت هذه الآلهة لأنه : إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون .

لأن هذه الآلهة لا تملك شيئا وبيد الله كل شيء وإذا أراد الرحمان أن يصيبني بضرر فإن هذه الآلهة لا تنفعني بشيء ولا يملك حتى أن تشفع لي عند الله ولا تملك أن تنقذني من عذاب الله وبهذا المنطق العقلي ظل هذا المؤمن يناقش قومه ويقدم الأدلة العقلية على وجود الله وعلى أن بيده سبحانه النفع والضر وحده وأن الأصنام والأوثان التي يعبدونها لا تملك شفاعة له إلى الله ولا نملك إنقاذه من عذاب الله فلماذا يعبدها إذا .

{ ولا ينقذون . . . } ولا تستطيع هذه الآلهة إنقاذي وتخليصي مما يصيبني من ضر أراد الرحمان أن ينزله بي .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةً إِن يُرِدۡنِ ٱلرَّحۡمَٰنُ بِضُرّٖ لَّا تُغۡنِ عَنِّي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَا يُنقِذُونِ} (23)

ولما أمر صريحاً ونهى تلويحاً ، ورغب ورهب ، ووبخ وقرع ، وبين جلالة من آمن به ومن كانوا سبباً في ذلك ، أنكر على من يفعل غيره بالإنكار على نفسه ، محقراً لمن عبدوه من دون الله وهم غارقون في نعمه ، فقال مشيراً بصيغة الافتعال إلى أن في ذلك مخالفة للفطرة الأولى : { ءأتخذ } وبين علو رتبته سبحانه بقوله : { من دونه } أي سواء مع دنو المنزلة ؛ وبين عجز ما عبدوه بتعدده فقال : { آلهة } ثم حقق ذلك بقوله مبيناً بأداة الشك أن النفع أكثر من الضر ترغيباً فيه سبحانه : { إن يردن } إرادة خفيفة بما أشار إليه حذف الياء ، أو شديدة بما أشار إليه إثباتها ، ظاهرة بما دل عليه تحريكها ، أو خفية بما نبه عليه إسكانها .

ولما ذكرهم بإبداعه سبحانه له إرشاداً إلى أنهم كذلك ، صرح بما يعمهم فقال : { الرحمن } أي العام النعمة على كل مخلوق من العابد والمعبود ، وحذرهم بقوله : { بضر } وأبطل أنهى ما يعتقدونه فيها بقوله : { لا تغن عني } أي وكل أحد مثلي في هذا { شفاعتهم } أي لو فرض أنهم شفعوا ولكن شفاعتهم لا توجد { شيئاً } من إغناء .

ولما دل بإفراد الشفاعة على عدهم عدماً ولو اتحدت شفاعتهم وتعاونهم في آن واحد ، دل بضمير الجمع على أنهم كذلك سواء كانوا مجتمعين أو متفرقين فقال : { ولا ينقذون * } أي من مصيبته إن دعا الأمر إلى المشاققة بما أراده فإنه بمجرد إرادته يكون مراده ، إنفاذاً ضعيفاً - بما أشار إليه من حذف الياء ، ولا شديداً - بما دل عليه من أثبتها ظاهراً خفياً ،