الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قِيلَ ٱدۡخُلِ ٱلۡجَنَّةَۖ قَالَ يَٰلَيۡتَ قَوۡمِي يَعۡلَمُونَ} (26)

فَقِيلَ له عند موته : { ادخل الجنة } فَلَما أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ بما رأَى من الكرَامَةِ قَالَ : { يا ليت قَوْمِى يَعْلَمُونَ } الآية ، قيل : أراد بذلك الإشْفَاقَ والنصحَ لَهُمْ أي : لَو علِمُوا ذلك ، لآمنوا باللَّه تعالى ، وقيل : أراد أن يَعْلَمُوا ذلك فَيَنْدمُوا على فِعْلِهم به ، وبخزيهم ذلك ، وهذا موجود في جِبِلَّةِ البشر إذا نَال الشخصُ عزًّا وخَيْراً في أرض غُرْبةٍ وَدَّ أنْ يَعْلَم ذلك جِيرَانهُ وأتْرَابهُ الذينَ نَشَأَ فيهمْ ، كما قيل :

الْعِزُّ مَطْلُوبٌ وَمُلْتَمَس *** وَأَحَبُّهُ مَا نِيلَ في الوَطَنِ

قال ( ع ) : والتأويلُ الأولُ أشبهُ بهذا العبدِ الصالح ؛ وفي ذلك قولُ النبي صلى الله عليه وسلم : «نَصَحَ قَوْمَه حَيًّا وَمَيِّتاً » ؛ وقالَ قَتَادةُ : نصَحَهُم على حالة الغَضَبِ والرِّضَا وَكَذِلكَ لاَ تجِدُ المؤمِنَ إلا ناصحاً للناس .