نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قِيلَ ٱدۡخُلِ ٱلۡجَنَّةَۖ قَالَ يَٰلَيۡتَ قَوۡمِي يَعۡلَمُونَ} (26)

ولما كان من المعلوم - بما دل عليه من صلابتهم في تكذيبهم الرسل وتهديدهم مع ما لهم من الآيات - أنهم لا يبقون هذا الذي هو من مدينتهم وقد صارحهم بما إن أغضوا عنه فيه انتقض عليهم أكثر أمرهم ، لم يذكره تعالى عدّاً له عداد ما لا يحتاج إلى ذكره ، وقال جواباً لمن تشوف إلى علم حاله بعد ذلك بقوله إيجازاً في البيان ترغيباً لأهل الإيمان : { قيل } أي له بعد قتلهم إياه ، فبناه للمفعول وحذفه لأن المقصود القول لا قائله والمقول له معلوم : { ادخل الجنة } لأنه شهيد ، والشهداء يسرحون في الجنة حيث شاؤوا من حين الموت .

ولما كان الطبع البشري داعياً إلى محبة الانتقام ممن وقع منه الأذى بين سبحانه أن الأصفياء على غير ذلك الحال ، فقال مستأنفاً : { قال يا ليت قومي } أي الذين فيهم قوة لما يراد منهم ، فلو كانت قوتهم على الكفار لكانت حسنة { يعلمون * }