هذا ما توعدون : هذا هو الثواب الذي وعدتم به على ألسنة الرسل .
أواب : رجاع إلى الله ، أو رجاع عن المعصية إلى الطاعة .
حفيظ : حافظ لحدود الله وشرائعه .
32- { هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ } .
تقول لهم الملائكة : هذا ما وعدكم الله به في كتبه وعلى ألسنة المرسلين ، بأن الجنة لكل رجاع إلى ربه ، يتوب إليه من الذنب ، ويرجع إلى مولاه ، عابدا تائبا مناجيا متقربا .
{ حفيظ } . كثير الحفظ لحدود الله وشرائعه ، أو يحفظ العهد فلا ينقضه ولا ينكثه ولا يهمل منه شيئا .
قوله تعالى : { هذا ما توعدون } قرأ ابن كثير بالياء والآخرون بالتاء ، يقال لهم : هذا الذي ترونه ما توعدون على ألسنة الأنبياء عليهم السلام ، { لكل أواب } رجاع إلى الطاعة عن المعاصي ، قال سعيد بن المسيب : هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب . وقال الشعبي ومجاهد : الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها . وقال الضحاك : هو التواب . وقال ابن عباس وعطاء : هو المسبح ، من قوله : { يا جبال أوبي معه } ( سبأ-10 ) وقال قتادة : هو المصلي . { حفيظ } قال ابن عباس : الحافظ لأمر الله ، وعنه أيضاً : هو الذي يحفظ ذنوبه حتى يرجع عنها ويستغفر منها . قال قتادة : حفيظ لما استودعه الله من حقه . قال الضحاك : المحافظ على نفسه المتعهد لها . قال الشعبي : المراقب . قال سهل بن عبد الله : هو المحافظ على الطاعات والأوامر .
" هذا ما توعدون " أي ويقال لهم هذا الجزاء الذي وعدتم في الدنيا على ألسنة الرسل . وقراءة العامة " توعدون " بالتاء على الخطاب . وقرأ ابن كثير بالياء على الخبر ؛ لأنه أتى بعد ذكر المتقين . " لكل أواب حفيظ " أواب أي رجاع إلى الله عن المعاصي ، ثم يرجع يذنب ثم يرجع هكذا قاله الضحاك وغيره . وقال ابن عباس وعطاء : الأواب المسبح من قوله : " يا جبال أوبي معه{[14180]} " [ سبأ : 10 ] . وقال الحكم بن عتيبة : هو الذاكر لله تعالى في الخلوة . وقال الشعبي ومجاهد : هو الذي يذكر ذنوبه في الخلوة فيستغفر الله منها . وهو قول ابن مسعود . وقال عبيد بن عمير : هو الذي لا يجلس مجلسا حتى يستغفر الله تعالى فيه . وعنه قال : كنا نحدث أن الأواب الحفيظ الذي إذا قام من مجلسه قال سبحان الله وبحمده ، اللهم إني أستغفرك مما أصبت في مجلسي هذا . وفي الحديث : ( من قال إذا قام من مجلسه : سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك غفر الله له ما كان في ذلك المجلس ) . وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول . وقال بعض العلماء : أنا أحب أن أقول أستغفرك وأسألك التوبة ، ولا أحب أن أقول وأتوب إليك إلا على حقيقته .
قلت : هذا استحسان ، واتباع الحديث أولى . وقال أبو بكر الوراق : هو المتوكل على الله في السراء والضراء . وقال القاسم : هو الذي لا يشتغل إلا بالله عز وجل .
" حفيظ " قال ابن عباس : هو الذي حفظ ذنوبه حتى يرجع عنها . وقال قتادة : حفيظ لما استودعه الله من حقه ونعمته وائتمنه عليه . وعن ابن عباس أيضا : هو الحافظ لأمر الله . مجاهد : هو الحافظ لحق الله تعالى بالاعتراف ولنعمه بالشكر . قال الضحاك : هو الحافظ لوصية الله تعالى بالقبول . وروى مكحول عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حافظ على أربع ركعات من أول النهار كان أوابا حفيظا ) ذكره الماوردي .
ولما كان التقريب قد لا يدري الناظر ما سببه ، قال ساراً لهم : { هذا } أي الإزلاف والذي ترونه من كل ما يسركم { ما } أي الأمر الذي { توعدون } أي وقع الوعد لكم به في الدنيا ، وعبر بالمضارع حكاية للحال الماضية ، وعبر عن الإزلاف بالماضي تحقيقاً لأمره وتصويراً لحضوره الآن ليكون المضارع من الوعد في أحكم مواضعه ، وأبهم الأمر لأنه أكثر تشويقاً ، والتعيين بعد الإبهام ألذ ، فلذلك قال بياناً للمتقين ، معيداً للجار{[61228]} لما وقع بينه وبين المبدل منه من الجملة الاعتراضية جواباً لمن كأنه قال : لمن هذا الوعد ؟ فقال تعالى : { لكل أواب } أي رجاع إلى الاستقامة بتقوى القلب إن حصل في ظاهره عوج ، فنبه بذلك على أنه من فضله لم يشترط في صحة وصفه بالتقوى دوام الاستقامة { حفيظ } أي مبالغ في حفظ الحدود وسار العهود بدوام الاستقامة والرجوع بعد الزلة ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.