( والسماء رفعها ووضع الميزان . ألا تطغوا في الميزان . وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ) .
والإشارة إلى السماء - كباقي الإشارات القرآنية إلى مجالي هذا الكون - تقصد إلى تنبيه القلب الغافل ، وإنقاذه من بلادة الألفة ، وإيقاظه لعظمة هذا الكون وتناسقه وجماله ، وإلى قدرة اليد التي أبدعته وجلالها .
والإشارة إلى السماء - أيا كان مدلول السماء - توجه النظر إلى أعلى . إلى هذا الفضاء الهائل السامق الذي لا تبدو له حدود معروفة ؛ والذي تسبح فيه ملايين الملايين من الأجرام الضخمة ، فلا يلتقي منها اثنان ، ولا تصطدم مجموعة منها بمجموعة . ويبلغ عدد المجموعة أحيانا ألف مليون نجم ، كمجموعة المجرة التي ينتسب إليها عالمنا الشمسي ، وفيها ما هو أصغر من شمسنا وما هو أكبر ألاف المرات . شمسنا التي يبلغ قطرها مليونا وثلث مليون كيلو متر ! ! ! وكل هذه النجوم ، وكل هذه المجموعات تجري في الكون بسرعات مخيفة ، ولكنها في هذا الفضاء الهائل ذرات سابحة متباعدة ، لا تلتقي ، ولا تتصادم !
وإلى جوار هذه العظمة في رفع هذه السماء الهائلة الوسيعة ( وضع الميزان )ميزان الحق . وضعه ثابتا راسخا مستقرا . وضعه لتقدير القيم . قيم الأشخاص والأحداث والأشياء . كي لا يختل تقويمها ، ولا يضطرب وزنها ، ولا تتبع الجهل والغرض والهوى . وضعه في الفطرة ووضعه في هذا المنهج الإلهي الذي جاءت به الرسالات وتضمنه القرآن :
7- { وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ }
جعل الله السماء سقفا مرفوعا ، وزيَّنها بالنجوم ، وجعل فيها الملائكة واللَّوح المحفوظ ، وفيها أبراج وأفلاك ونجوم ، وملائكة ووحي ، وأنزل الميزان ليقوم الناس بالعدل والقسط ، قال صلى الله عليه وسلم : " بالعدل قامت السماوات والأرض " أي : بقيتا على أتقن نظام وأحسنه .
وفي الحديث القدسي : " يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا " iv .
ويقول سبحانه وتعالى : { إنّ الله لا يظلم مثقال ذرّة . . . } ( النساء : 40 ) .
ويقول تعالى : { إنّ الله لا يظلم الناس شيئا ولكنّ الناس أنفسهم يظلمون } . ( يونس : 44 ) .
فالله تعالى عادل ، وبهذا العدل قامت السماوات والأرض ، وأنزل الله الميزان بمعنى أنَّه أمر بالعدل والقسط في شريعته وفي أحكامه ، وفي تعامل الناس ببعضهم مع بعض .
قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ . . . } ( النساء : 58 ) .
قوله : { والسماء رفعها ووضع الميزان } خلق الله السماء مرفوعة من حيث المحل والقدر والشرف ، فهي منشأ الوحي ومنزل الكتب الربانية ومقام الملائكة الأطهار . والمراد بالميزان العدل ، فقد أوجب الله إحقاقه في الأرض ليقوم للناس بالقسط بعيدا عن الحيف والميل والجور ، وقيل : الميزان ما يعرف به مقادير الأشياء من ميزان ومكيال ونحوهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.