السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلۡمِيزَانَ} (7)

{ والسماء } أي : ورفع السماء ثم فسر ناصبها فيكون كالمذكور مرتين إشارة إلى عظيم تدبيره لشدّة ما فيها من الحكم فقال تعالى : { رفعها } أي حسا قال البقاعي : بعدما كانت ملتصقة بالأرض ففتقها وأعلاها عنها ؛ وقال الزمخشري وتبعه البيضاوي : خلقها مرفوعة ؛ قال البيضاوي : محلاً ورتبه ، وقال الزمخشري : حيث جعلها منشأ أحكامه ومصدر قضاياه ومتنزل أوامره ونواهيه ومسكن ملائكته الذين يهبطون بالوحي على أنبيائه ، ونبه بذلك على كبرياء شأنه وملكه وسلطانه .

{ ووضع الميزان } أي : العدل الذي دبر به الخافقين من الموازنة وهي المعادلة لتنتظم أمورنا كما قال صلى الله عليه وسلم «بالعدل قامت السماوات والأرض » وقال السدي : وضع في الأرض العدل الذي أمر به يقال وضع الله الشريعة ووضع فلان كذا أي : ألفه . وقيل على هذا الميزان القرآن لأنّ فيه بيان ما يحتاج إليه وهو قول الحسين بن الفضل ، وقال الحسن وقتادة والضحاك هو الميزان الذي يوزن به لينتصف به الناس بعضهم من بعض وهو خبر بمعنى الأمر بالعدل يدل عليه قوله تعالى : { وأقيموا الوزن بالقسط } [ الرحمن : 9 ] والقسط هو العدل ؛ وقيل هو الحكم ، وقيل المراد وضع الميزان في الآخرة لوزن الأعمال .