قوله تعالى : { والسماء رَفَعَهَا } .
العامة{[54285]} : على النصب على الاشتغال مراعاة لعجز الجملة التي يسميها النحاة ذات وجهين ، وفيها دليل لسيبويه الذي يجوز النصب ، وإن لم يكن في جملة الاشتغال ضمير عائد على المبتدأ الذي تضمنته الجملة ذات الوجهين .
والأخفش{[54286]} يقول : لا بد من ضمير ، مثاله : «هند قامت وعمراً أكرمته لأجلها » .
قال : «لأنك راعيْتَ الخبر وعطفت عليه ، والمعطوف على الخبر خبر ، فيشترط فيه ما يشترط فيه » .
ولم يشترط الجمهور ذلك ، وهذا دليلهم .
فإن القراء كلهم نصبوا مع عدم الرابط إلا من شذ منهم وقد تقدم تحرير هذا في سورة «يس » عند قوله : { والقمر قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ } [ يس : 39 ] .
وقرأ أبو{[54287]} السمال : برفع السماء على الابتداء ، والعطف على الجملة الابتدائية التي هي قوله «والشمس والقمر » .
قال القرطبي{[54288]} : «فجعل المعطوف مركباً من ابتداء وخبر كالمعطوف عليه » .
العامة{[54289]} على «وَضَع » فعلاً ماضياً ، و«الميزان » نصب على المفعول به .
وقرأ إبراهيم{[54290]} : «ووضْع الميزانِ » - بسكون الضاد - وخفص «الميزان » وتخريجها : على أنه معطوف على مفعول «رفعها » أي : «ورفع ووضْع الميزان » أي جعل له مكانة ورفعة لأخذ الحُقُوق به ، وهو من بديع اللفظ حيث يصير التقدير : «ورفع ووضع الميزان » .
قال الزمخشري{[54291]} : «فإن قيل : كيف أخلّ بالعاطف في الجمل الأول وجيء به بعده ؟ .
قلت : بَكَّتَ بالجمل : الأول ، وأورده على سننِ التعديد للذين أنكروا الرحمان وآلاءه كما تبكت منكر أيادي المنعم من الناس بتعدّدها عليه في المثال الذي قدمته ، ثم رد الكلام إلى منهاجه بعد التَّبكيت في وصل ما يجب وصله للتناسب والتقارب بالعاطف .
فإن قلت : أي تناسب بين هاتين الجملتين حتى وسط بينهما العاطف ؟ .
قلت : إن الشمس والقمر سماويَّان ، والنجم والشجر أرضيَّان فبينهما تناسب من حيث التقابل ، وإن السماء والأرض لا يزالان يذكران قرينتين ، وإن جري الشمس والقمر بحسبان من جنس الانقياد لأمر الله ، فهو مناسب لسجود النجم والشجر »{[54292]} .
قال مجاهد وقتادة : وضع الميزان عبارة عن العدل{[54293]} .
قال السدي : «ووضع الميزان » وضع في الأرض العدل الذي أمر به{[54294]} ، يقال : وضع الله الشريعة ، ووضع فلان كذا أي ألقاه .
وقيل : على هذا الميزان القرآن ، لأن فيه بيان ما يحتاج إليه .
وقال الحسن وقتادة{[54295]} - أيضاً - والضحاك : هو الميزان الذي يوزن به لينتصف به الناس بعضهم من بعض{[54296]} ، وهو خبر بمعنى الأمر بالعدل يدل عليه قوله تعالى : { وَأَقِيمُواْ الوزن بالقسط } [ الرحمان : 9 ] .
والقسْط هو العَدْل ، وقيل : هو الحكم .
وقيل : المراد وضع الميزان في الآخرة لوزن الأعمال . وأصل «ميزان » «يوزان » . وقد مضى القول فيه في «الأعراف » .
قال ابن الخطيب{[54297]} : قوله : «ووَضَعَ المِيزانَ » إشارة إلى العدل ، كقوله : { وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكتاب والميزان } [ الحديد : 25 ] أي : ليعلموا بالكتاب ، ويعملوا بالميزان ، فكذا هنا «عَلَّمَ القُرآن » ووضع الميزانَ ، فالمراد ب «الميزان » : العدل بوضعه شرعة ، كأنه قيل : شرع العدل لئلا تطغوا في الميزان الذي هو آلة العَدْل ، هذا هو المنقول ، قال : والأولى العكس كالأول وهو الآلة ، والثاني : بمعنى الوزن ، أو بمعنى العدل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.