غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلۡمِيزَانَ} (7)

1

{ والسماء رفعها } قال في الكشاف : أي خلقها مرفوعة مسموكة حيث جعلها منشأ أحكامه ومصدر قضاياه ومسكن ملائكته الذين يهبطون بالوحي على أنبيائه . قلت : إنه حمل الرفع على ارتفاع المنزلة ولعل المراد به الرفع الحسي ليطابق قوله { والأرض وضعها } أي خفضها في مركز العالم مدحوة محاطة بالماء . نعم لو جعل وضع الأرض عبارة عن ذلها وتسخيرها كقوله { هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً } [ الملك :15 ] صح تفسيره وإنما وسط قوله { ووضع الميزان } بين رفع السماء ووضع الأرض لأنه لا ينتفع بالميزان إلا إذا كان معلقاً في الهواء بين الأرض والسماء وهذا أمر حسي ، وأما العقلي فهو أنه بدأ أولاً من النعم بذكر القرآن الذي هو بيان الشرائع والتكاليف ، ثم أتبعه ذكر كيفية خلق الإنسان وقواه النفسانية وما يتم به معاشه من السماويات والأرضيات ، ثم ذكر أنه خلق لأجلهم آلة الوزن بهما يقيمون العدالة في ومعاملاتهم وأمور تمدنهم فصار كما مر في { حم عسق الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان } [ الشورى :1 ] وكما يجيء في الحديد { وأنزلنا معهم الكتاب والميزان } [ الآية :25 ] .

/خ78