في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (14)

فإن الله الذي يوعدهم هذا الإيعاد ، هو مالك السماوات والأرض وحده . فهو الذي يملك المغفرة لمن يشاء ، وهو الذي يملك العذاب لمن يشاء .

والله يجزي الناس بأعمالهم ولكن مشيئته مطلقة لا ظل عليها من قيد ، وهو يقرر هذه الحقيقة هنا لتستقر

في القلوب . غير متعارضة مع ترتيب الجزاء على العمل ، فهذا الترتيب اختيار مطلق لهذه المشيئة .

ومغفرة الله ورحمته أقرب . فليغتنمها من يريد ، قبل أن تحق كلمة الله بعذاب من لم يؤمن بالله ورسوله ، بالسعير الحاضرة المعدة للكافرين .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (14)

11

التفسير :

14- { ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما } .

هو سبحانه الملك الحقيقي لهذا الكون كله ، سمائه وأرضه ، وبحاره وأنهاره ، وليله ونهاره ، وشمسه وقمره : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا } . ( الإسراء : 44 ) .

وهو سبحانه : { يغفر لمن يشاء } . ممن تاب وأناب ، ودخل في محراب الإنابة والرجوع إلى الله ، وفيه حث للمنافقين والكافرين وجميع الناس على الدخول في رحمته الواسعة ، والإنابة والرجوع إليه ، والندم على ارتكاب النفاق والشقاق .

{ ويعذب من يشاء } . فلا يقدر أحد على دفع العذاب عنكم إن أراد الله تعذيبكم ، وفيه تحريض لهم على عدم اللجوء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليعاملهم على ظواهرهم ويستغفر لهم ، لأن الله تعالى هو المطلع على السرائر ، وبيده وحده المغفرة لمن يشاء ، والعذاب لمن يشاء .

{ وكان الله غفورا رحيما } .

أي : كان ولا يزال واسع المغفرة ، سبقت رحمته غضبه ، وفتح أبوابه للتائبين .

قال ابن جرير الطبري : هذا من الله جل ثناؤه حث لهؤلاء الأعراب المتخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على التوبة والمراجعة إلى أمر الله ، في طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، يقول لهم : بادروا بالتوبة من تخلفكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الله يغفر للتائبين ، لأنه لم يزل ذا عفو عن عقوبة التائبين إليه من ذنوبهم ومعاصيهم من عباده ، وذا رحمة بهم أن يعاقبهم على ذنوبهم بعد توبتهم منها .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (14)

ثم بين الله تعالى قدرته على ذلك وأنه يفعل ما يشاء ، لا رادّ لحكمه ، فله السلطان المطلق والتصرف الكامل . ومع ذلك كله فهو الغفور الرحيم { وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً }

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (14)

شرح الكلمات :

{ يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } : يغفر لمن يشاء وهو عبد تاب وطلب المغفرة بنفسه ، ويعذب من يشاء وهو عبد ظن السوء وقال غير ما يعتقد وأصبر على ذلك الكفر والنفاق .

{ وكان الله غفورا رحيما } : كان وما زال متصفا بالمغفرة والرحمة فمن تاب غفر الله له ورحمه .

المعنى :

وقوله في الآية الأخيرة من هذا السياق ( 15 ) { ولله ملك السموات والأرض } أي بيده كل شيء { يغفر لمن يشاء } من عباده ويعذب من يشاء فاللائق بهم التوبة والإِنابة إليه لا الإِصرار على الكفر والنفاق فإِنه غير مجد لهم ولا نافع بحال وقد تاب بهذا أكثرهم وصاروا من خيرة الناس ، وكان الله غفورا رحيما فغفر لكم من تاب منهم ورحمه . ولله الحمد والمنة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (14)

{ 14 } { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }

أي : هو تعالى المنفرد بملك السماوات والأرض ، يتصرف فيهما بما يشاء من الأحكام القدرية ، والأحكام الشرعية ، والأحكام الجزائية ، ولهذا ذكر حكم الجزاء المرتب على الأحكام الشرعية ، فقال : { يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ } وهو من قام بما أمره الله به { وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ } ممن تهاون بأمر الله ، { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } أي : وصفه اللازم الذي لا ينفك عنه المغفرة والرحمة ، فلا يزال في جميع الأوقات يغفر للمذنبين ، ويتجاوز عن الخطائين ، ويتقبل توبة التائبين ، وينزل خيره المدرار ، آناء الليل والنهار .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (14)

ولما انقضى حديث الجنود عامة ثم خاصة من المنتدبين{[60290]} والمخلصين وختم بعذاب الكافرين ، وكان المتصرف في الجنود ربما كان بعض خواص الملك ، فلا يكون تصرفه فيهم تاماً ، وكان الملك قد لا يقدر على عذاب من أراد من جنوده ، وكان إذا قدر قد لا يقدر على العذاب بكل ما يريده من السعير الموصوف {[60291]}وغيره لعدم{[60292]} عموم ملكه{[60293]} قال تعالى عاطفاً على آية الجنود : { ولله } أي {[60294]}الملك الأعظم{[60295]} وحده { ملك السماوات والأرض } أي من الجنود وغيرها ، يدبر ذلك كله كيف يشاء {[60296]}لا راد لحكمه ولا معقب{[60297]} .

ولما{[60298]} لم يكن في هؤلاء من عذب بما عذب الأمم الماضية من الريح وغيرها ، لم يذكر ما بين الخافقين ، وذكر نتيجة التفرد بالملك بما{[60299]} يقتضيه الحال من الترغيب والترهيب : { يغفر لمن يشاء } أي لا اعتراض لأحد عليه {[60300]}بوجه ما{[60301]} { ويعذب من يشاء } أي{[60302]} لأنه لا يجب عليه شيء ولا يكافيه شيء ، وليس هو كالملوك الذين لا يتمكنون من مثل ذلك لكثرة الأكفاء المعارضين لهم في الجملة ، وعلم من هذا التقسيم المبهم أيضاً-{[60303]} أن منهم من يرتد فيعذبه ، ومنهم من يثبت{[60304]} على الإسلام فيغفر له لأنه لا يعذب بغير ذنب وإن كان له أن يفعل ذلك ، لأنه لا يسأل عما يفعل وملكه تام ، فتصرفه فيه عدل كيفما كان . ولما كان من يفعل الشيء في وقت قد لا يستمر على وصف القدرة عليه قال تعالى : { وكان الله } أي المحيط بصفات الكمال أزلاً وأبداً ، لم يتجدد{[60305]} له شيء لم يكن . ولما ابتدأ الآية بالمغفرة ترغيباً في التوبة ، ختم بذلك لأن المقام له ، وزاد الرحمة تشريفاً لنبي المرحمة{[60306]} بالترغيب والدلالة على أن رحمته غلبت غضبه فقال : { غفوراً } أي لذنوب المسيئين { رحيماً * } أي مكرماً بعد الستر بما لا تسعه العقول ، وقدرته على الإنعام كقدرته على الانتقام .


[60290]:من مد، وفي الأصل و ظ: المبتدين.
[60291]:من ظ ومد، وفي الأصل: الموت والإحياء بالعذاب وغير ذلك مما اشتملت عليه القدرة الإلهية والملك التام الذي لا شبيه له، وقد دل السياق على عدم.
[60292]:من ظ ومد، وفي الأصل: الموت والإحياء بالعذاب وغير ذلك مما اشتملت عليه القدرة الإلهية والملك التام الذي لا شبيه له، وقد دل السياق على عدم.
[60293]:من ظ ومد، وفي الأصل: ملك غيره.
[60294]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[60295]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[60296]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[60297]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[60298]:زيد في الأصل: كان، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[60299]:في مد:ما.
[60300]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[60301]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[60302]:سقط من ظ ومد.
[60303]:زيد من مد.
[60304]:من ظ ومد، وفي الأصل: لا يثبت.
[60305]:من ظ ومد، وفي الأصل: لم يتجد.
[60306]:من مد، وفي الأصل و ظ: الرحمة.