فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (14)

{ ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما( 14 ) } .

ربنا مالك الكون وما فيه ومن فيه ، فهو يصفح ويستر ويتجاوز عمن يريد –سبحانه- أن يرحمه ، ويُذِل ويُخْزي ويعذب من شاء أن يعاقبه ؛ والله لم يزل كثير الغفران عظيم الرحمة ؛ ولقد شاء- تبارك اسمه- أن يغفر للمؤمنين ، ويدخل في رحمته الواسعة أهل التقوى والإنابة { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي . . } ، كما أراد – الذي لا مستكره له- أن يعذب المشركين والمشركات ، والمنافقين والمنافقات ، والذين كفروا من أهل الكتاب .

أي هو غني عن عباده ، وإنما ابتلاهم بالتكليف ليثيب من آمن ويعاقب من كفر وعصى{[5024]} .

[ . . ومن لم يؤمن أيها الأعراب بالله ورسوله منكم ومن غيركم فيصدقه على ما أخبر به ويقر بما جاء به من الحق من عند ربه فإنا أعددنا لهم جميعا سعيرا من النار تسعر عليهم في جهنم إذا وردوها يوم القيامة . . ومنه قولهم : إنه لمسعر حرب ؛ يراد به : موقدها ومهيجها ؛ وقوله : { ولله ملك السماوات والأرض . . } يقول تعالى ذكره : ولله سلطان السماوات والأرض فلا أحد يقدر أيها المنافقون على دفعه عما أراد بكم من تعذيب على نفاقكم ، إن أصررتم عليه ، أو مَنْعِهِ عن عفوه عنكم إن عفا إن أنتم تبتم من نفاقكم وكفركم ؛ وهذا من الله جل ثناؤه حث لهؤلاء الأعراب المتخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على التوبة والمراجعة إلى أمر الله في طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن الله يغفر للتائبين ؛ { وكان الله غفورا رحيما } يقول ولم يزل الله ذا عفو عن عقوبة التائبين إليه من ذنوبهم ومعاصيهم من عباده ، وذا رحمة بهم أن يعاقبهم على ذنوبهم بعد توبتهم منها ]{[5025]} .


[5024]:الجامع لأحكام القرآن. جـ16ص270- هذا كله ما أورده في تفسير الآية الكريمة.
[5025]:جامع البيان. لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفي سنة 310 هـ.