في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَآءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ} (41)

37

ويستطرد إلى الذين يكفرون بآيات الله القرآنية ، والقرآن كتاب عزيز قوي منيع الجانب ، لا يدخل عليه الباطل من قريب ولا من بعيد :

إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ، وإنه لكتاب عزيز ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . تنزيل من حكيم حميد . ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ، إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم . ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا : لولا فصلت آياته ! أأعجمي وعربي ? قل : وهو للذين آمنوا هدى وشفاء . والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر ، وهو عليهم عمى ً ، أولئك ينادون من مكان بعيد .

والنص يتحدث عن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ؛ ولا يذكر ماذا هم ولا ماذا سيقع لهم . فلا يذكر الخبر : ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم . . . )كأنما ليقال : إن فعلتم لا يوجد وصف ينطبق عليها ويكافئها لشدة بشاعتها !

لذلك يترك النص خبر( إن )لا يأتي به ويمضي في وصف الذكر الذي كفروا به لتفظيع الفعلة وتبشيعها :

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَآءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ} (41)

المفردات :

كفروا بالذكر : كفروا بالقرآن ، والقرآن فيه ذكر لله ، وفيه ذكر للتشريع والأخبار السابقة واللاحقة ، وهو شرف ورفعة للعرب .

كتاب عزيز : كريم على الله ، لا تتأتى معارضته .

لا يأتيه الباطل من بين يديه : لا يأتيه الباطل من جميع جهاته .

حكيم : يضع الشيء في موضعه .

حميد : محمود على أفضاله وأفعاله .

41-42 –{ إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } .

ما أعجب هذا القرآن ، اشتمل على الوحي والهداية وألوان البيان ، وأخبار الأمم السابقة ، وأخبار الرسل والأنبياء ، وأخبار القيامة والحساب والجزاء ، والجنة والنار ، ومع اشتماله على هذه المعاني الجميلة فقد كفر به كفار مكة ، وقابلوه بالإعراض والكنود والرفض ، وقد جاء إليهم وهم مرتاحون في بيوتهم ، يقدم لهم أفضل الطرق وأقومها .

قال تعالى : { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا } . ( الإسراء : 9 ) .

وخبر إن محذوف تقديره : إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم خاسرون ، أو هالكون ، حيث قابلوا هداية القرآن بالكفر والتكذيب .

{ وإنه لكتاب عزيز } .

مشتمل على أسباب العزة والمنعة ، لا تتأتّى معارضته ، ولا يأتيه الباطل من جميع جهاته : لغة ، وعقيدة ، وتشريعا ، قصصا ، وانسجاما ، وترتيلا ، فهو في هذا قمة لا ترام ولا تنال .

{ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . . . } .

لا يتطرق إليه الباطل ، أو ليس لأحد من أي جهة من جهاته ، أو جانب من جوانبه ، ولا يكذبه كتاب سابق قبله ، ولا لاحق بعده .

قال ابن كثير : أي : ليس للبطلان إليه سبيل ، لأنه منزل من رب العالمين . ا ه .

لقد تكفل الله بحفظه من الزيادة والنقصان ، ومن كل باطل أو بهتان .

قال تعالى : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } . ( الحجر : 9 ) .

{ تنزيل من حكيم حميد } .

أنزله إله بالغ الحكمة في أقواله وأفعاله ، سابغ النعم والفضل على عباده ، حيث أنزل عليهم آخر كتبه مشتملا على التشريع والهداية ، وألوان الأدب والقصص والتاريخ ، وسنن الله في الكون ، ومشاهد القيامة وما يتصل بها من بعث وحشر ، وحساب وجنة ونار ، وثواب وعقاب ، فلله الفضل والمنة ، والحمد والشكر ، فهو الحكيم حكمة مطلقة ، والمحمود على سائر نعمه ، وإنزال كتبه وهداية خلقه ، ولله تعالى الفضل والمنة .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَآءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ} (41)

لقد كفر هؤلاء الملحدون بالقرآن لمّا جاءهم ، وإنه لكتابٌ عزيز يغلب كل من حاول أن يعارضه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَآءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ} (41)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: إن الذين جحدوا هذا القرآن وكذّبوا به لما جاءهم، وعنى بالذكر القرآن...

وقوله:"وَإنّهُ لَكِتاب عَزِيزٌ" يقول تعالى ذكره: وإن هذا الذكر لكتاب عزيز بإعزاز الله إياه، وحفظه من كلّ من أراد له تبديلاً، أو تحريفا، أو تغييرا، من إنسي وجني وشيطان مارد.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ} سمّى القرآن ذِكرا؛ لأن من اتّبعه وعمل بما فيه صار مذكورا شريفا، أو سمّاه ذكرا لما يذكر لهم ما نسوا من أحكام الله. أو يذكّرهم ما لله عليهم من حق وما لبعض على بعض.

{عزيز} عند الله تعالى أكرم به محمدا صلى الله عليه وسلم، أو {عزيز} يُعزّ من اتّبعه، وعمل به، كما ذكرنا أنه يشرِّف من اتبعه، وعمل بما فيه.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

قوله جل ذكره: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}. الجواب محذوف ومعناه: بقوا عنَّا، ووقعوا في هوانهم وشقوا إلى الأبد.

{وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}: كتابٌ عزيزٌ لا مِثْلَ له حيث قد عجزوا عن الإتيان بمثله. كتابٌ عزيز غالبٌ لِشُبَهِ المبتدعين والكفار. عزيزٌ لا يقدر على معارضته أحدٌ، من قولهم أرض عزاز.

كتاب عزيزٌ لأنه كلامُ ربٍّ عزيز إلى رسولٍ عزيزٍ بسفارة مَلَكٍ عزيزٍ إلى أُمَّةٍ عزيزة. كتاب عزيزٌ على المؤمنين؛ لأنه كتابُ حبيبِهم، وكتابُ الحبيبِ إلى الحبيب عزيزٌ...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم}. يريد قريشاً. و«الذكر»: القرآن بإجماع. واختلف الناس في الخبر عنهم أين هو؟ فقالت فرقة: هو في قوله: {أولئك ينادون من مكان بعيد} ذكر النقاش أن بلال بن أبي بردة سأل عن هذا في مجلسه وقال: لم أجد لها نفاذاً، فقال له أبو عمرو بن العلاء: إنه منك لقريب {أولئك ينادون} [فصلت: 44]. ويرد هذا النظر كثرة الحائل، وإن هنالك قوماً قد ذكروا بحسن رد قوله: {أولئك ينادون} [فصلت: 44] عليهم. وقالت فرقة: الخبر مضمر تقديره: {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم} هلكوا أو ضلوا. وقال بعض نحويي الكوفة الجواب في قوله: {وإنه لكتاب عزيز} حكى ذلك الطبري، وهو ضعيف لا يتجه، وسأل عيسى بن عمر عمرو بن عبيد عن هذا، فقال عمرو معناه في التفسير: {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم} كفروا به {وإنه لكتاب}، فقال عيسى بن عمر: أجدت يا أبا عثمان.

والذي يحسن في هذا هو إضمار الخبر، ولكنه عند قوم في غير هذا الموضع الذي قدره هؤلاء فيه، وإنما هو بعد {حكيم حميد} وهو أشد إظهاراً لمذمة الكفار به، وذلك أن قوله: {وإنه لكتاب} داخل في صفة الذكر المكذب به، فلم يتم ذكر المخبر عنه إلا بعد استيفاء وصفه، وهذا كما تقول: تخالف زيداً وهو العالم الودود الذي من شأنه ومن أمره، فهذه كلها أوصاف.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما جعل إليهم الاختيار في العمل تهديداً، أتبعه الإخبار بما لمن خالفه، فقال مؤكداً لإنكارهم مضامين ما دخل عليه التأكيد: {إن الذين كفروا} أي ستروا مرائي العقول الدالة على الحق مكذبين {بالذكر} الذي لا ذكر في الحقيقة غيره {لمّا جاءهم} من غير توقف أصلاً، فدل ذلك منهم على غاية العناد.

{وإنه} أي والحال أنه {لكتاب} أي جامع لكل خير {عزيز}.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

النص يتحدث عن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم؛ ولا يذكر ماذا هم ولا ماذا سيقع لهم. فلا يذكر الخبر: (إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم...) كأنما ليقال: إن فعلتم لا يوجد وصف ينطبق عليها ويكافئها لشدة بشاعتها!

لذلك يترك النص خبر (إن) لا يأتي به ويمضي في وصف الذكر الذي كفروا به لتفظيع الفعلة وتبشيعها.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أعقب تهديدهم على الإِلحاد في آيات الله على وجه العموم بالتعرض إلى إلحادهم في آيات القرآن وهو من ذكر الخاص بعد العام للتنويه بخصال القرآن وأنه ليس بعُرضَةٍ لأن يُكفر به بل هو جدير بأن يتقبل بالاقتداء والاهتداء بهديه، فلهذه الجملة اتصال في المعنى بجملة: {إن الذين يلحدون في آياتنا} [فصلت: 40] واتصال في الموقع بجملة {اعملوا ما شئتم} [فصلت: 40].

وتحديد هذين الاتصالين اختلفت فيه آراء المفسرين، وعلى اختلافهم فيهما جرى اختلافهم في موقعها من الإعراب وفي مواقع أجزائها من تصريح وتقدير.

والأظهر أن تكون جملة {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بالذِّكْرِ} الخ واقعة موقع التعليل للتهديد بالوعيد في قوله: {لاَ يَخْفَونَ عَلَيْنا} [فصلت: 40]. والمعنى: لأنهم جديرون بالعقوبة إذ كفروا بالآيات، وهي آية القرآن المؤيد بالحق، وبشهادة ما أوصي إلى الرسل من قوله.

وموقع إن} موقع فاء التعليل. وخبر {إنّ} محذوف دل عليه سياق الكلام. والأحسن أن يكون تقديره بما تدل عليه جملةُ الحال من جلالة الذكر ونفاسته، فيكون التقدير: خسروا الدنيا والآخرة، أو سفهوا أنفسهم أو نحو ذلك مما تذهب إليه نفس السامع البليغ، ففي هذا الحذف توفير للمعاني وإيجاز في اللفظ يقوم مقام عدة جمل، وحَذْفُ خبرِ {إنّ} إذا دل عليه دليل وارد في الكلام. وأجازه سيبويه في باب ما يحسن السكوت عليه من هذه الأحرف الخمسة، وتبعه الجمهور، وخالفه الفراء فشرطه بتكرر {إنّ}. ومن الحذف قوله تعالى: {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام} الآية في سورة الحج (25).

{وَإنَّهُ لكتاب} الخ في موضع الحال من الذِّكْر، أي كفروا به في حاله هذا، ويجوز أن تكون الجملة عطفاً على جملة: {إنَّ الذينَ كَفَروا بالذِّكْر} على تقدير خبر {إن} المحذوف. وقد أجري على القرآن ستة أوصاف ما منها واحد إلا وهو كمال عظيم:

الوصف الأول: أنه ذِكر، أي يذكِّر الناس كلهم بما يغفلون عنه مما في الغفلة عنه فوات فوزهم.

الوصف الثاني من معنى الذكر: أنه ذكر للعرب وسُمعة حسنة لهم بين الأمم يخلد لهم مفخرة عظيمة وهو كونه بلغتهم ونزل بينهم كما قال تعالى: {وإنه لذكر لك ولقومك} [الزخرف: 44] وفي قوله: {لما جاءهم} إشارة إلى هذا المعنى الثاني.

الوصف الثالث: أنه كتاب عزيز، والعزيز النفيس، وأصله من العزة وهي المنعة لأن الشيء النفسي يدافعَ عنه ويُحمَى عن النبذ فإنه بيِّن الإِتقان وعلوِّ المعاني ووضوح الحجة ومثل ذلك يكون عزيزاً.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

الكفر هنا بمعنى الستر أي: ستر الإيمان بواجب الوجود، لأن الستر يقتضي مستوراً، فما هو المستور في عملية الكفر؟ الكفر يستر مقابله، يستر الإيمان، فكأن الإيمان أمرٌ فِطْري وهو الأصل والكفر طارئ عليه ليستره، وكأن الكفرَ بهذا المعنى جُنْد من جنود الإيمان ودليلٌ عليه.

وكلمة {بِالذِّكْرِ..} هنا بمعنى القرآن الذي نزل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم...

وقوله سبحانه: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} كلمة عزيز لها معَانٍ منها العزيز أي: النادر الثمين، والعزيز: الغالب الذي لا يُغلب. ومنه قوله تعالى: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران: 4] فالقرآن غالبٌ يعلو ولا يُعْلَى عليه، يأخذ بالقلوب ويستولي عليها، بدليل قولهم: {لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت: 26].

ذلك لأن الذي يسمع كلام القرآن، لا بُدَّ أنْ ينبهر به شريطة أنْ يستقبله بقلب صَافٍ ووجدان غير جامد...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَآءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ} (41)

{ إن الذين كفروا بالذكر } أي بالقرآن { لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز } منيع من الشيطان والباطل

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَآءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ} (41)

قوله تعالى : " إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم " الذكر ها هنا القرآن في قول الجميع ؛ لأن فيه ذكر ما يحتاج إليه من الأحكام . والخبر محذوف تقديره{[13447]} هالكون أومعذبون . وقيل : الخبر " أولئك ينادون من مكان بعيد " [ فصلت : 44 ] واعترض قوله : " ما يقال لك " ثم رجع إلى الذكر فقال : " ولو جعلناه قرآنا أعجميا " ثم قال : " أولئك ينادون " [ فصلت : 44 ] والأول الاختيار . قال النحاس : عند النحويين جميعا فيما علمت . " وإنه لكتاب عزيز " أي عزيز على الله . قاله ابن عباس . وعنه : عزيز من عند الله . وقيل : كريم على الله . وقيل : " عزيز " أي أعزه الله فلا يتطرق إليه باطل . وقيل : ينبغي أن يعز ويجل وألا يلغى فيه . وقيل : " عزيز " من الشيطان أن يبدله . قاله السدي . مقاتل : منع من الشيطان والباطل . السدي : غير مخلوق فلا مثل له . وقال ابن عباس أيضا : " عزيز " أي ممتنع عن الناس أن يقولوا مثله .


[13447]:زيادة يقتضيها السياق.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَآءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ} (41)

ولما جعل إليهم الاختيار في العمل تهديداً ، أتبعه الإخبار بما لمن خالفه ، فقال مؤكداً لإنكارهم مضامين ما دخل عليه التأكيد : { إن الذين كفروا } أي ستروا مرائي العقول الدالة على الحق مكذبين { بالذكر } الذي لا ذكر في الحقيقة غيره { لمّا جاءهم } من غير توقف أصلاً ، فدل ذلك منهم على غاية العناد { وإنه } أي والحال أنه { لكتاب } أي جامع لكل خير { عزيز * } أي لا يوجد مثله فهو يغلب كل ذكر ولا يغلبه ذكر ولا يقرب من ذلك ، ويعجز كل معارض ، ولا يعجز أصلاً عن إقعاد مناهض .