محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَآءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ} (41)

{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً } أي ساكنة لا حركة لعشب فيها ولا نبات ولا زرع { فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } أي اهتزت بالنبات وتحركت بزينته ، وربت بارتفاعه على سطحها ، أي صارت ربوة مرتفعة { إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا } أي هذه الأرض الدارسة ، فأخرج منها النبات ، وجعلها تهتز بالزرع من بعد يبسها { لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا } أي يميلون عن حججنا وأدلتنا ، ويزيغون عنها تكذيبا لها وجحودا لها { لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا } أي لإحاطة علمه بهم ، وكونه بالمرصاد لهم ، فسيجزيهم .

/ تنبيه :

شملت الآية من يضع الكلام في الآيات على غير مواضعه ، كما فسّرها ابن عباس . قال في ( الإكليل ) : ففيها الرد على من تعاطى تفسير القرآن بما لا يدل عليه جوهر اللفظ ، كما يفعله الباطنية والاتحادية والملاحدة وغلاة المتصوفة { أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ } أي بهذا القرآن { لَمَّا جَاءهُمْ } أي فهم هالكون . فالخبر محذوف . أو الجملة بدل من جملة { إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا } { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } أي منيع . محمي عن التغيير والتبديل ، وعن محاكاته بنظير .