{ إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم } : هم قريش ومن تابعهم من الكفار غيرهم ، والذكر : القرآن هو بإجماع ، وخبر إن اختلفوا فيه أمذكور هو أو محذوف ؟ فقيل : مذكور ، وهو قوله : { أولئك ينادون من مكان بعيد } ، وهو قول أبي عمرو بن العلاء في حكاية جرت بينه وبين بلال بن أبي بردة .
سئل بلال في مجلسه عن هذا فقال : لم أجد لها نفاذاً ، فقال له أبو عمرو : وإنه منك لقريب { أولئك ينادون } .
وقال الحوفي : ويرد على هذا القول كثرة الفصل ، وأنه ذكر هناك من تكون الإشارة إليهم ، وهو قوله : { والذين لا يؤمنون في آذناهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون } .
وقيل : محذوف ، وخبر إن يحذف لفهم المعنى .
وسأل عيسى بن عمر عمرو بن عبيد عن ذلك فقال عمرو : معناه في التفسير : إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم كفروا به ، وإنه لكتاب ، فقال عيسى : أجدت يا أبا عثمان .
وقال قوم : تقديره معاندون أو هالكون .
وقال الكسائي : قد سد مسده ما تقدم من الكلام قبل إن ، وهو قوله : { أفمن يلقى في النار } .
انتهى ، كأنه يريد : دل عليه ما قبله ، فيمكن أن يقدر يخلدون في النار .
وقال الزمخشري : فإن قلت : بم اتصل قوله : { إن الذين كفروا بالذكر } ؟ قلت : هو بدل من قوله : { إن الذين يلحدون في آياتنا } . انتهى .
ولم يتعرض بصريح الكلام في خبر إن أمذكور هو أو محذوف ، لكن قد ينتزع من كلامه هذا أنه تكلم فيه بطريق الإشارة إليه ، لأنه ادّعى أن قوله : { إن الذين كفروا بالذكر } بدل من قوله : { إن الذين يلحدون } ، فالمحكوم به على المبدل منه هو المحكوم به على البدل ، فيكون التقدير : { إن الذين يلحدون في آياتنا } ، { إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم } لا يخفون علينا .
وقال ابن عطية : والذي يحسن في هذا هو إضمار الخبر بعد { حكيم حميد } ، وهو أشد إظهاراً ، لأن قوله : { وإنه لكتاب عزيز } داخل في صفة الذكر المكذب به ، فلم يتم ذكر المخبر عنه إلا بعد استيفاء وصفه .
والذي أذهب إليه أن الخبر مذكور ، لكنه حذف منه عائد يعود على اسم إن ، وذلك في قوله : { لا يأتيه بالباطل } : أي الباطل منهم ، أي الكافرون به ، وحالة هذه لا يأتيه باطلهم ، أي متى رامو فيه أن يكون ليس حقاً ثابتاً من عند الله وإبطالاً له لم يصلوا إليه ، أو تكون أل عوضاً من الضمير على قول الكوفيين ، أي لا يأتيه باطلهم ، أو يكون الخبر قوله : { ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك } ، أي أوحى إليك في شأن هؤلاء المكذبين لك .
ولما جئت به مثل ما أوحى إلي من قبلك من الرسل ، وهو أنهم عاقبتهم سيئة في الدنيا بالهلاك ، وفي الآخرة بالعذاب الدائم .
وغاية ما في هذين التوجهين حذف الضمير العائد على اسم إن ، وهو موجود ، نحو قوله : السمن منوان بدرهم : أي منوان منه والبر كرّ بدرهم : أي كر منه .
وعن بعض نحاة الكوفة : الخبر في قوله : { وإنه لكتاب عزيز } ، وهذا لا يتعقل .
{ وإنه لكتاب عزيز } : جملة حالية ، كما تقول : جاء زيد وأن يده على رأسه ، أي كفروا به ، وهذه حاله وعزته كونه عديم النظير لما احتوى عليه من الإعجاز الذي لا يوجد في غيره من الكتب ، أو غالب ناسخ لسائر الكتب والشرائع .
وقال ابن عباس : عزيز كريم على الله تعالى .
وقال مقاتل : ممتنع من الشيطان .
وقيل : وصف بالعزة لأنه لصحة معانيه ممتنع الطعن فيه والإزراء عليه ، وهو محفوظ من الله ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.