الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَآءَهُمۡۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ} (41)

وقوله تعالى : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر } الآية : يريد ب { الذين كَفَرُواْ } قريشاً ، و{ الذكر } : القرآن بإجماع .

واختُلِفَ في الخبر عنهم : أين هو ؟ فقالت فرقة : هو في قوله : { أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } [ فصلت : 44 ] ، ورُدَّ بكثرة الحائل ، وأنَّ هنالك قوماً قد ذكروا بحسن رد قوله : { أولئك ينادون عليهم } ، وقالت فرقة : الخبر مُضمَرٌ ، تقديره : إنَّ الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ، هَلَكُوا أو ضَلُّوا ، وقيل : الخبر في قوله : { وَإِنَّهُ لكتاب عَزِيزٌ } وهذا ضعيف لا يتجه ، وقال عمرو بن عُبَيْدٍ : معناه في التفسير : { إنَّ الذين كفروا بالذِّكْرِ لما جاءهم } كفروا به ، و{ إنه لكتاب عزيز } ؛ قال ( ع ) : والذي يَحْسُنُ في هذا هو إضمار الخبر ، ولكِنَّهُ عند قوم في غير هذا الموضع الذي قدَّره هؤلاء فيه ؛ وإنَّمَا هو بعد { حَكِيمٍ حَمِيدٍ } ، وهو أَشَدُّ إظهاراً لِمَذَمَّةِ الكُفَّارِ به ؛ وذلك لأَنَّ قوله : { وَإِنَّهُ لكتاب } داخل في صفة الذكر المُكَذَّبِ بهِ ؛ فلم يتم ذكر المُخْبَر عنه إلاَّ بعد استيفاء وصفِهِ ، ووصفَ اللَّه تعالى الكتابَ بالعِزَّةِ ؛ لأنه بصحة معانيه مُمْتَنِعٌ الطَّعْنُ فيه والإزراء عليه ، وهو محفوظ من اللَّه تعالى ؛ قال ابن عباس : معناه : كريمٌ على اللَّه تعالى .