أما قوله سبحانه : ( وإذا العشار عطلت ) . . فالعشار هي النوق الحبالى في شهرها العاشر . وهي أجود وأثمن ما يملكه العربي . وهي في حالتها هذه تكون أغلى ما تكون عنده ، لأنها مرجوة الولد واللبن ، قريبة النفع . ففي هذا اليوم الذي تقع فيه هذه الأهوال تهمل هذه العشار وتعطل فلا تصبح لها قيمة ، ولا يهتم بشأنها أحد . . والعربي المخاطب ابتداء بهذه الآية لا يهمل هذه العشار ولا ينفض يده منها إلا في حالة يراها أشد ما يلم به !
العشار عطلت : النوق الحوامل أهملت بلا راع لانشغال الناس بأنفسهم ، وكانت موضع اهتمامهم لأنها أنفس أموالهم .
وهي النّياق التي مرّ على حملها عشرة أشهر ، وهي أجود الأموال عند العرب ، حيث يهتم بها صاحبها قبيل ولادتها ، فإذا قامت القيامة أهملها صاحبها لانشغاله بأمور نفسه .
إن تعطيل العشار تمثيل لشدة الكرب ، وإلا فلا عشار ولا تعطيل ، كأنه قال بعد ذكر ما سبق من تكوير الشمس ، وانكدار النجوم ، وتسيير الجبال : وكان من هول هذه الحوادث ، ما يصرف حاضرها عن أكرم الأشياء عليه ، حتى لو كان عنده عشار لعطّلها وأهملها .
ولما ذكر أعلام الجماد ، أتبعه أعلام الحيوان النافع الذي هو أعز أموال العرب وأغلبها على وجه دل على عظم الهول فقال : { وإذا العشار } أي النوق التي أتى على حملها عشرة أشهر ، جمع عشراء مثل نفساء ، وهي أحب أموال العرب إليهم وأنفسها عندهم لأنها تجمع اللحم والظهر واللبن والوبر ، " روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر-{[71833]} في أصحابه بعشار من النوق حفّل ، فأعرض عنها وغض بصره فقيل له : يا رسول الله ! هذا أنفس أموالنا ، لم لا تنظر إليها ؟ فقال : قد نهاني الله عن ذلك ، ثم تلا { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا } [ طه : 131 ] الآية " ولا يزال ذلك اسمها حتى تضع لتمام السنة { عطلت * } أي تركت{[71834]} مهملة كأنه لا صاحب لها مع أنها أنفس أموالهم ، فكانت إذا بلغت ذلك أحسنت إليها وأعزتها واشتد إقبالها عليها{[71835]} : وقالت : جاء خيرها من ولد ولبن ، لأن الأمر ، لاشتغال كل أحد بنفسه ، أهول من أن يلتفت أحد إلى شيء وإن عز .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.