وهي تتوسط صفوف الأعداء على غرة فتوقع بينهم الفوضى والاضطراب !
إنها خطوات المعركة على ما يألفه المخاطبون بالقرآن أول مرة . . . والقسم بالخيل في هذا الإطار فيه إيحاء قوي بحب هذه الحركة والنشاط لها ، بعد الشعور بقيمتها في ميزان الله والتفاته سبحانه إليها ?
وذلك فوق تناسق المشهد مع المشاهد المقسم عليها والمعقب بها كما أسلفنا . أما الذي يقسم الله - سبحانه - عليه ، فهو حقيقة في نفس الإنسان ، حين يخوى قلبه من دوافع الإيمان . حقيقة ينبهه القرآن إليها ، ليجند إرادته لكفاحها مذ كان الله يعلم عمق وشائجها في نفسه ، وثقل وقعها في كيانه :
فوسطن به جمعا : توسطن جمعا من الكفار ففرقنه وهزمنه .
فتوسطن جموع الأعداء ، ففرّقن صفوفهم ، وشتتن شملهم .
قال الآلوسي : والفاءات للدلالة على ترتيب ما بعد كل منها على ما قبله ، فتوسط الجمع مترتب على الإثارة ، المترتبة على العدو السريع .
إن نظرة إلى جمال التعبير ، وإقسام القرآن الكريم بالخيل المغيرة التي تصهل ، وبالشرر الذي يتطاير من حوافرها ، وبالإغارة في وقت الصباح الباكر ، وبالغبار المتطاير من سرعة الجري ، وبالوصول إلى وسط الجموع لتبديدها وتفريقها –كل ذلك ليلفت نظر المسلمين إلى أهمية الجهاد والغزو والكفاح ، والإعجاب بحركة الخيل وعدوها ، واقتحامها المعارك لتشتيت العدوّ وإصابته في الصميم .
وقد ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة الحث على الجهاد وإعداد العدّة .
قال تعالى : وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم . . . ( الأنفال : 60 ) .
وذلك يوجب علينا العناية بالخيل وبسائر الأسلحة اللازمة للحرب ، فلا شيء يمنع الحرب أكثر من الاستعداد لها .
قوله تعالى : " جمعا " مفعول ب " وسطن به جمعا " ، أي فوسطن بركبانهن العدو ، أي الجمع الذي أغاروا عليهم . وقال ابن مسعود : { فوسطن به جمعا } : يعني مزدلفة ، وسميت جمعا لاجتماع الناس . ويقال : وسطت القوم أسطهم وسطا ، أي صرت وسطهم . وقرأ علي رضي الله عنه " فوسطن " بالتشديد ، وهي قراءة قتادة وابن مسعود وأبي رجاء ، لغتان بمعنى ، يقال : جعلها الجمع قسمين . ( بالتشديد والتخفيف ) وتوسطهم بمعنى واحد . وقيل : معنى التشديد : جعلها الجمع قسمين . والتخفيف : صرن في وسط الجمع ، وهما يرجعان إلى معنى الجمع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.