البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَوَسَطۡنَ بِهِۦ جَمۡعًا} (5)

{ فوسطن } ، بتخفيف الثاء والسين ؛ وأبو حيوة وابن أبي عبلة : بشدّهما ؛ وعليّ وزيد بن علي وقتادة وابن أبي ليلى : بشدّ السين .

وقال الزمخشري : وقرأ أبو حيوة : فأثرن بالتشديد ، بمعنى : فأظهرن به غباراً ، لأن التأثير فيه معنى الإظهار ، أو قلب ثورن إلى وثرن ، وقلب الواو همزة .

وقرىء : فوسطن بالتشديد للتعدية ، والباء مزيدة للتوكيد ، كقوله : { فأتوا به } وهي مبالغة في وسطن ، انتهى .

أما قوله : أو قلب ، فتمحل بارد .

وأما أن التشديد للتعدية ، فقد نقلوا أن وسط مخففاً ومثقلاً بمعنى واحد ، وأنهما لغتان ، والضمير في به عائد في الأول على الصبح ، أي هيجن في ذلك الوقت غباراً ، وفي به الثاني على الصبح .

قيل : أو على النقع ، أي وسطن النقع الجمع ، فيكون وسطه بمعنى توسطه .

وقال علي وعبد الله : { فوسطن به جمعاً } : أي الإبل ، وجمعاً اسم للمزدلفة ، وليس بجمع من الناس .

وقال بشر بن أبي حازم :

فوسطن جمعهم وأفلت حاجب *** تحت العجاجة في الغبار الأقتم

وقيل : الضمير في به معاً يعود على العدو الدال عليه { والعاديات } أيضاً .

وقيل : يعود على المكان الذي يقتضيه المعنى ، وإن لم يجر له ذكر ، لدلالة والعاديات وما بعدها عليه .

وقيل : المراد بالنقع هنا الصياح ،