قوله : { فَوَسَطْنَ } : العامَّةُ على تخفيفِ السينِ ، أي : تَوَسَّطْنَ . وفي الهاءِ في " به " أوجهٌ :
أحدُها : أنها للصبح ، كما تقدَّم .
والثاني : أنها للنَّقْعِ ، أي : وَسَطْنَ بالنَّقْعِ الجَمْعَ ، أي : جَعَلْنَ الغبارَ وَسْطَ الجمع ، فالباءُ للتعدية ، وعلى الأولِ هي ظرفيةٌ .
الثالث : أنَّ الباءَ للحاليةِ ، أي : فتوَسَّطْن مُلْتبساتٍ بالنقع ، أي : بالغبار جمعاً من جموع الأعداء .
وقيل : الباءُ مزيدةٌ ، نقله أبو البقاء ، و " جَمْعاً " على هذه الأوجهِ مفعولٌ به .
الرابع : أنَّ المرادَ ب ( جَمْع ) المزدلفةُ ، وهي تُسَمَّى جَمْعاً . والمرادُ أنَّ الإِبلَ تتوسَّطُ جَمْعاً الذي هو المزدلفةُ ، كما مرَّ عن أميرِ المؤمنين رضي الله عنه ، فالمرادُ بالجَمْعِ مكانٌ لا جماعةُ الناسِ ، كقولِ صفية :
4626 . . . . . . . . . . . والعادياتِ غَداةَ جَمْعٍ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَوَسَطْنَ جَمْعَهُمُ وأَفْلَتَ حاجبٌ *** تحت العَجابةِ في الغُبارِ الأَقْتَمِ
و " جَمْعاً " على هذا منصوبٌ على الظرف ، وعلى هذا فيكونُ الضميرُ في " به " : " إمَّا للوقتِ ، أي : في وقت الصبح ، وإمَّا للنَّقْع ، وتكونُ الباءُ للحال ، أي : مُلْتبساتٍ بالنَّقْع . إلاَّ أنه يُشْكِلُ نَصْبُ الظرفِ المختصِّ إذ كان حَقُّه أَنْ يتعدَّى إليه ب " في " ، وقال أبو البقاء : " إنَّ جَمْعاً حالٌ " ، وسبقه إليه مكي . وفيه بُعْدٌ ؛ إذ المعنى : على أنَّ الخيلَ توسَّطَتْ جَمْعٌ الناسِ .
وقرأ علي وزيد بن علي وقتادة وابن أبي ليلى بتشديد السين ، وهما لغتان بمعنىً واحدٍ ، أعني التثقيلَ والتخفيفَ . وقال الزمخشري : " التشديدُ للتعديةِ ، والباءُ مزيدةٌ للتأكيدِ ، كقوله : { وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً } [ البقرة : 25 ] وهي مبالَغَةٌ في " وَسَطْن " انتهى . وقولُه : " وهي مبالَغَةٌ " يناقِضُ قولَه أولاً " للتعدية " ؛ لأن التشديدَ للمبالغة لا يُكْسِبُ الفعلَ مفعولاً آخر ، تقول : " ذَبَحْتُ الغنم " مخففاً ، ثم تبالِغُ فتقول : " ذَبَّحْتها " مثقلاً ، وهذا على رأيِه قد جَعَله متعدياً بنفسِه بدليلِ جَعْلِه الباءِ مزيدةً فلا يكون للمبالغة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.