قوله : { فَوَسَطْنَ } . العامة على تخفيف السين .
والثاني : أنها للنَّقع ، أي : وسطن النقع الجمع ، أي : جعلن الغبار وسط الجمع . والباء للتعدية ، وعلى الأول هي ظرفية .
الثالث : الباء للحالية ، أي فتوسطن ملتبساً بالنقع ، أي : بالغبار ، جمعاً من جموع الأعداء .
وقيل : الباء مزيدة ، نقله أبو{[60705]} البقاء .
و«جَمْعاً » على هذه الأوجه : مفعول به .
الرابع : أن المراد ب «جمع » «المزدلفة » وهي تسمى جمعاً ، والمراد : أن الإبل تتوسط جمعاً الذي هو «المزدلفة » ، كما مرَّ عن أمير المؤمنين ، فالمراد بالجمع مكان ، لا جماعة الناس ، كقول صفية : [ الوافر ]
5278- *** فَلا والعَاديَاتِ غَداةَ جَمْعٍ***{[60706]}
وقول بشر بن أبي خازم : [ الكامل ]
5279- فَوَسَطْنَ جَمعهُمُ وأفْلتَ حَاجبٌ *** تَحْتَ العَجاجَةِ في الغُبَارِ الأقْتَمِ{[60707]}
و«جَمْعاً » على هذا منصوب على الظرف ، وعلى هذا فيكون الضمير في «به » إما للوقت ، أي في وقت الصبح ، وإما للنقع ، وتكون الباء للحال ، أي : ملتبسات بالنقع ، إلا أنه يشكل نصب الظرف المختص إذ كان حقه أن يتعدى إليه ب «في » .
وقال أبو البقاء{[60708]} : إن «جمعاً » حال ، وسبقه إليه مكي . وفيه بعد ؛ إذ المعنى على أن الخيل توسطت جمع الناس .
وقرأ علي ، وزيد{[60709]} بن علي ، وقتادة ، وابن أبي ليلى : بتشديد السين ، وهما لغتان بمعنى واحد .
وقال الزمخشري{[60710]} : «التشديد للتعدية ، والباء مزيدة للتأكيد ، كقوله تعالى : { وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً } [ البقرة : 25 ] وهي مبالغة في وسطن » انتهى .
وقوله : «وهي مبالغة » تناقض قوله أولاً للتعدية ؛ لأن التشديد للمبالغة لا يكسب الفعل مفعولاً آخر ، تقول : «ذبحت الغنم مخففاً » ، ثم تبالغ فتقول : «ذبَّحتها » - مثقلاً - وهذا على رأيه قد جعله متعدياً بنفسه ، بدليل جعله الباء مزيدة ، فلا تكون للمبالغة .
المعنى : فوسطن بركبانهن العدو ، أي : الجمع الذين أغاروا عليهم .
وقال ابن مسعود : «فوسَطْنَ بِهِ جَمْعاً » يعني «مزدلفة » ، وسميت جمعاً لاجتماع الناس فيها{[60711]} .
ويقال : وسطت القوم أسطهم وسطاً وسطة ، أي : صرت وسطهم ، وقد أكثر الناس في وصف الخيل ، وهذا الذي ذكره الله أحسن .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الخَيْلُ معْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ »{[60712]} وقال أيضاً : «ظهرها حرز وبطنها كنز » .
ويروى أن بنت امرئ القيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، هل أنزل عليك ربُّك كلاماً في صفةِ الخَيْل كلاماً أفصح مما قاله جدِّي ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : «وما قال جدّكِ » . ؟ قالت : [ الطويل ]
5280-مِكَرٍّ مُقْبلٍ مُدبِرٍ معاً *** كجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَل{[60713]}
فقال -عليه الصلاة والسلام - : { والعاديات ضَبْحاً } الآيات ، فأسلمت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.