في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةٗۚ وَهَٰذَا كِتَٰبٞ مُّصَدِّقٞ لِّسَانًا عَرَبِيّٗا لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِينَ} (12)

ويختم هذه الجولة في قضية الوحي والرسالة بالاشارة إلى كتاب موسى ، وتصديق هذا القرآن له - كما سبقت الإشارة في شهادة الشاهد من بني إسرائيل :

( ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة . وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا ، لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين )

وقد كرر القرآن الإشارة إلى الصلة بين القرآن والكتب قبله ، وبخاصة كتاب موسى ، باعتبار أن كتاب عيسى تكملة وامتداد له . وأصل التشريع والعقيدة في التوراة . ومن ثم سمي كتاب موسى( إماما )ووصفه بأنه رحمة . وكل رسالة السماء رحمة للأرض ومن في الأرض ، بكل معاني الرحمة في الدنيا وفي الآخرة . . ( وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا ) . . مصدق للأصل الأول الذي تقوم عليه الديانات كلها ؛ وللمنهج الإلهي الذي تسلكه الديانات جميعها ؛ وللاتجاه الأصيل الذي توجه البشرية إليه ، لتتصل بربها الواحد الكريم .

والإشارة إلى عروبته للامتنان على العرب ، وتذكيرهم بنعمة الله عليهم ، ورعايته لهم ، وعنايته بهم ؛ ومظهرها اختيارهم لهذه الرسالة ، واختيار لغتهم لتتضمن هذا القرآن العظيم .

ثم بيان لطبيعة الرسالة ، ووظيفتها :

( لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةٗۚ وَهَٰذَا كِتَٰبٞ مُّصَدِّقٞ لِّسَانًا عَرَبِيّٗا لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِينَ} (12)

10

المفردات :

وهذا كتاب مصدق : القرآن مصدق للكتب التي سبقته .

التفسير :

12- { ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين } .

من قبل هذا القرآن أنزلنا التوراة على موسى ، مشتملة على حكم الله ودينه في التشريع والقصاص والعقائد ، والعبادات والمعاملات ، فالتوراة إمام حاكم ، وتشريع عادل ، ورحمة للعباد ببيان حكم رب العباد ، وهذا القرآن مصدق للتوراة مؤيد لها ، مهيمن على ما سبقه من الكتب السماوية ، يوافقها في الأصول التي قامت عليها ، وهي الدعوة إلى التوحيد ، وبيان مكارم الأخلاق ، والإيمان بالكتب والرسل واليوم الآخر .

وقد أنزل الله القرآن باللسان العربي ، تشريفا للعرب المرسل إليهم ، وليحذر الظالمين من ظلمهم ، ويبشر المحسنين برضوان الله في الدنيا ، وبالجنة في الآخرة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةٗۚ وَهَٰذَا كِتَٰبٞ مُّصَدِّقٞ لِّسَانًا عَرَبِيّٗا لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِينَ} (12)

الذي قد وافق الكتب السماوية خصوصا أكملها وأفضلها بعد القرآن وهي التوراة التي أنزلها الله على موسى { إِمَامًا وَرَحْمَةً } أي : يقتدي بها بنو إسرائيل ويهتدون بها فيحصل لهم خير الدنيا والآخرة . { وَهَذَا } القرآن { كِتَابٌ مُصَدِّقٌ } للكتب السابقة شهد بصدقها وصدَّقها بموافقته لها وجعله الله { لِسَانًا عَرَبِيًّا } ليسهل تناوله ويتيسر تذكره ، { لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا } أنفسهم بالكفر والفسوق والعصيان إن استمروا على ظلمهم بالعذاب الوبيل ويبشر المحسنين في عبادة الخالق وفي نفع المخلوقين بالثواب الجزيل في الدنيا والآخرة ويذكر الأعمال التي ينذر عنها والأعمال التي يبشر بها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةٗۚ وَهَٰذَا كِتَٰبٞ مُّصَدِّقٞ لِّسَانًا عَرَبِيّٗا لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِينَ} (12)

قوله تعالى : { ومن قبله } أي : ومن قبل القرآن ، { كتاب موسى } يعني التوراة ، { إماماً } يقتدى به ، { ورحمةً } من الله لمن آمن به ، ونصبا على الحال عن الكسائي ، وقال عبيدة : فيه إضمار ، أي جعلناه إماماً ورحمة ، وفي الكلام محذوف ، تقديره : وتقدمه كتاب موسى إماماً ولم يهتدوا به ، كما قال في الآية الأولى : { وإذ لم يهتدوا به } { وهذا كتاب مصدق } أي : القرآن مصدق للكتب التي قبله ، { لساناً عربياً } نصب على الحال ، وقيل بلسان عربي ، { لينذر الذين ظلموا } يعني مشركي مكة ، قرأ أهل الحجاز والشام ويعقوب : ( لتنذر ) بالتاء على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقرأ الآخرون : بالياء يعني الكتاب ، { وبشرى للمحسنين } و( بشرى ) في محل الرفع ، أي هذا كتاب مصدق وبشرى . { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون } .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةٗۚ وَهَٰذَا كِتَٰبٞ مُّصَدِّقٞ لِّسَانًا عَرَبِيّٗا لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِينَ} (12)

ولما كان هذا الكلام ساقطاً في نفسه لما قام من الأدلة الباهرة على صدق القرآن وكان الوقوف مع المحسوسات غالباً عليهم لعدم نفوذهم في المعقولات ، دل على بطلانه{[58678]} لموافقة القرآن لأعظم{[58679]} الكتب القديمة التوراة التي اشتهر أنها من عند الله وأن الآتي بها كلم وقد صدقه الله في الإتيان بها بما لم يأت به نبي قبله من المعجزات والآيات البينات وهم يستفتون أهلها ، فقال على وجه التبكيت لهم-{[58680]} والتوبيخ : { ومن } أي قالوا ذلك والحال أنه كان في بعض الزمن الذي من { قبله } أي القرآن العظيم {[58681]}الذي حرموا تدبر آياته وحل مشكلاته وأعجزهم فصاحته{[58682]} { كتاب موسى } كلم الله وصفوته عليه الصلاة والسلام وهو التوراة التي كلمه الله{[58683]} بها تكليماً حال كون{[58684]} كتابه { إماماً } أي يستحق أن يؤمه كل من سمع به في أصول الدين مطلقاً وفي جميع ما فيه قبل تحريفه ونسخه وتبديله { ورحمة } لما فيه من نعمة الدلالة على الله والبيان الشافي فهبهم{[58685]} طعنوا في هذا القرآن وهم لا يقدرون على الطعن في كتاب موسى الذي قد سلموا لأهله أنهم أهل العلم وجعلوهم حكماء يرضون بقولهم في هذا النبي الكريم ، وكتابهم مصادق{[58686]} لكتابهم{[58687]} فقد صاروا بذلك مصدقين بما كذبوا به ، ولذلك قال الله تعالى : { وهذا } أي القرآن {[58688]}المبين المبيّن{[58689]} { كتاب } أي جامع لجميع الخيرات .

ولما أريد تعميم التصديق بجميع الكتب الإلهية والحقوق الشرعية ، حذف المتعلق فقال : { مصدق{[58690]} } أي{[58691]} لكتاب موسى عليه الصلاة والسلام وغيره من الكتب التي تصح نسبتها إلى الله تعالى فإن{[58692]} جميع الكتب التي جاءت به الرسل ناطقة بتوحد الله وأن هذا الكتاب لم يخرج عن هذا{[58693]} فأنّى يصح فيما{[58694]} هذا شأنه أن يكون{[58695]} إفكاً ، إنما الإفك ما كذب كتب الله التي أتت بها أنبياؤه وتوارثها أولياؤه .

ولما كان الكتاب قد تقوم الأدلة على مصادقته لكتب الله ويكون بغير لسان المكذب{[58696]} به فيكون في التكذيب أقل ملامة ، احترز عن ذلك بقوله : { لساناً } أي أشير إلى هذا المصدق القريب منكم زماناً ومكاناً وفهماً حال كونه { عربياً } في أعلى طبقات اللسان العربي مع كونه أسهل الكتب تناولاً وأبعدها{[58697]} عن التكليف{[58698]} ، ليس هو بحيث يمنعه علوه بفخامة الألفاظ وجلالة المعاني وعلو النظم و{[58699]}رصافة السبك{[58700]} ووجازة العبارة ، وظهور المعاني ودقة الإشارة مع سهولة الفهم وقرب المتناول بعد بعد المغزى .

ولما دل على أن الكتاب حق ، بين ثمرته فقال : { لينذر } أي أشير إلى الكتاب في هذا الحال لينذر الكتاب-{[58701]} بحسن بيانه وعظيم شأنه { الذين ظلموا } سواء كانوا عريقين في الظلم أم لا ، فأما العريقون فهو لهم نذري كاملة ، فإنهم لا يهتدون كما تقدم ، وأما غيرهم فيهتدي بنذارته ويسعد بعبارته وإشارته ، وليبشر الذين أحسنوا في وقت ما { ما } هو { بشرى } {[58702]}كاملة { للمحسنين * } لا نذارة لهم لا في الدنيا ولا في الآخرة ، فالآية من الاحتباك : أثبت أولاً { ينذر{[58703]} } و-{[58704]} { الذين ظلموا } دلالة على حذف نحوه ثانياً ، { وبشرى } و { للمحسنين } ثانياً دلالة على-{[58705]} { نذري } { وللظالمين } أولاً .


[58678]:من ظ ومد، وفي الأصل و م: تعودهم.
[58679]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بطلان قولهم.
[58680]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الأعظم.
[58681]:زيد من م ومد.
[58682]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58683]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58684]:سقط ما بين الرقمين من م ومد.
[58685]:سقط ما بين الرقمين من م ومد.
[58686]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: كونه.
[58687]:من مد، وفي الأصل و ظ و م:فيها هم-كذا.من مد، وفي الأصل و ظ و م: يصادق.من ظ و م ومد، وفي الأصل: لكتابه.
[58688]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58689]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58690]:من القرآن و ظ و م ومد، وفي الأصل: مصدقا.
[58691]:زيد في الأصل: هذا الكتاب، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58692]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58693]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58694]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بما.
[58695]:زيد في الأصل و ظ: هذا، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[58696]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: للكذب.
[58697]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: أبعد.
[58698]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: التكليف.
[58699]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: رضافة السياف-كذا.
[58700]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: رضافة السياف-كذا.
[58701]:زيد من م ومد.
[58702]:زيد في الأصل: أي بشرى، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58703]:زيد من م ومد.
[58704]:زيد من م ومد.
[58705]:زيد من م ومد.