في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّآ إِبۡلِيسَ ٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (74)

65

( إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين ) . .

فهل كان إبليس من الملائكة ? الظاهر أنه لا . لأنه لو كان من الملائكة ما عصى . فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . . وسيجيء أنه خلق من نار . والمأثور أن الملائكة خلق من نور . . ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود . ولم يخص بالذكر الصريح عند الأمر إهمالاً لشأنه بسبب ما كان من عصيانه . إنما عرفنا أن الأمر كان قد وجه إليه من توجيه التوبيخ إليه :

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِلَّآ إِبۡلِيسَ ٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (74)

71

المفردات :

إبليس : هو أبو الجن ، وعاش من الملائكة فنسب إليهم .

التفسير :

74- { إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين } .

لكن إبليس لم يسجد لآدم ، وامتنع عن السجود كبرا وحسدا ؛ فصار من الكافرين ، وقد كان إبليس من الجن ، قال تعالى : { إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه . . . } ( الكهف : 50 ) .

وقد أقام مع الملائكة فنسب إليهم ، ولما صدرت الأوامر للملائكة بالسجود شملت من يقيم معهم ، لكن طبيعته غلبت عليه ، فامتنع عن السجود لآدم ، وادعى أنه خير من آدم ، أي : لو كان مثلي لما سجدت له ، فكيف أسجد له وأنا خير منه ؟ وما علم أنه يسجد امتثالا لأمر الله ، الذي أراد تكريم آدم بالسجود فوجب ذلك عليه ، والله يصطفي من خلقه ما يشاء ، وهو سبحانه : { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون } . ( الأنبياء : 23 ) .

ولما عصى إبليس وكفر بذلك " أبعده الله عز وجل ، وأرغم أنفه ، وطرده من باب رحمته ، ومحل أُنسه ، وحضرة قدسه ، وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض " {[581]} .


[581]:مختصر تفسير ابن كثير تحقيق محمد علي الصابوني 3/209.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِلَّآ إِبۡلِيسَ ٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (74)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِلَّآ إِبۡلِيسَ ٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (74)

زاد في إيضاح العموم بالاستثناء الذي هو معياره فقال : { إلا إبليس } عبر عنه بهذا الاسم لكونه من الإبلاس وهو انقطاع الرجاء إشارة إلى أنه في أول خطاب الله له بالإنكار عليه كان على كيفية علم منها تأبد الغضب عليه وتحتم العقوبة له .

ولما عرف بالاستثناء أنه لم يسجد ، وكان مبنى السورة على استكبار الكفرة بكونهم في عزة وشقاق ، بين أن المانع له من السجود الكبر تنفيراً عنه مقتصراً في شرح الاختصام عليه وعلى ما يتصل به فقال : { استكبر } أي طلب أن يكون أكبر من أن يؤمر بالسجود له وأوجد الكبر على أمر الله ، وكان من المستكبرين العريقين في هذا الوصف كما استكبرتم أيها الكفرة على رسولنا ، وسنرفع رسولنا صلى الله عليه وسلم كما رفعنا آدم صفينا عليه السلام على من استكبر عن السجود له ، ونجعله خليفة هذا الوجود كما جعلنا آدم عليه السلام ، وأشرنا إلى ذلك في هذه السورة بافتتاحها بخليفة واختتامها بخليفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر كل من أحوالهما .

ولما كان الفعل الماضي ربما أوهم أنه حدث فيه وصف لم يكن ، وكان التقدير : فكفر بذلك ، عطفاً عليه بياناً لأنه جبل على الكفر ولم يحدث منه إلا ظهور ذلك للخلق قوله : { وكان } أي جبلة وطبعاً { من الكافرين } أي عريقاً في وصف الكفر الذي منشأه الكبر على الحق المستلزم للذل للباطل ، فالآية من الاحتباك : ذكر فعل الاستكبار أولاً ، دليلاً على فعل الكفر ثانياً ووصف الكفر ثانياً دليلاً على وصف الاستكبار أولاً ، وسر ذلك أن ما ذكره أقعد في التحذير بأن من وقع منه كبر جره إلى الكفر .