{ قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار ( 65 ) رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار ( 66 ) قل هو نبأ عظيم ( 67 ) أنتم عنه معرضون ( 68 ) ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون ( 69 ) إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين ( 70 ) }
65 ، 66- { قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار * رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار } .
قل يا أيها الرسول لأهل مكة إنما أنا منذر من الله تعالى ، أخوفكم عذابه ومخالفته ، وآمركم بطاعته واحترام وحيه وكتابه ، ولست ساحرا ولا كاهنا ولا كذابا كما تدعون ، إنما أنا رسول من عند الله ، أحمل لكم وحي السماء ، ولا أملك الهداية ، ولا أستطيع أن أجبركم عليها .
قال تعالى : { فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر } . [ الغاشية : 21 ، 22 ] .
وقال تعالى : { إن عليك إلا البلاغ . . . } [ الشورى : 48 ] .
أما الأصنام التي تعبدونها فليست بآلهة ، لأنها لم تَخْلُق ولا تَرْزُق ، ولا تسمع ولا تجيب ، ولا تملك لنفسها نفعا ولا ضرّا ، فضلا عن أن تنفع غيرها .
{ وما من إله إلا الله الواحد القهار } .
ليس هنا إله سوى الله تعالى ، الواحد الأحد الفرد الصمد ، { القهار } ، الذي قهر كل شيء وغلبه بعزته وجبروته ، فهو خالق الكون ، وهو رافع السماء ، وباسط الأرض ، وهو العزيز الغالب ، الغفار لمن تاب ورجع إليه .
{ رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار } .
فالله تعالى قد وصف نفسه في الآيتين بخمس صفات :
1- أنه الإله الواحد لا شريك له .
2- القهار الذي قهر كل شيء بقدرته .
3- رب السماوات والأرض وما بينهما ، حيث رفع السماء وبسط الأرض ، وسخّر الهواء والفضاء ، والرياح والسحاب والأمطار ، والنبات والليل والنهار .
قال تعالى : { له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى } . [ طه : 6 ] .
4- العزيز الغالب الذي لا يغلب .
5- الغفار الذي يفتح بابه للتائبين ، ويغفر للمذنبين .
قال تعالى : { وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى } . [ طه : 82 ] .
لما وصف نفسه سبحانه بذلك ، دل عليه بقوله : { رب السماوات } أي مبدعها وحافظها على علوها وسعتها وإحكامها بما لها من الزينة والمنافع ، وجمع لأن المقام للقدرة ، وإقامة الدليل على تعددها سهل { والأرض } على سعتها وضخامتها وكثافتها وما فيها من العجائب .
ولما كان القائل مخيراً كما قال ابن مالك في الكافية الشافية عند اختلاط العقلاء بغيرهم في إطلاق ما شاء من " مَن " التي أغلب إطلاقها على العقلاء و " ما " التي هي بعكس ذلك ، وكان ربما وقع في وهم أن تمكنه تعالى من العقلاء دون تمكنه من غيرهم لما لهم من الحيل التي يحترزون بها عن المحذور ، وينظرون بها في عواقب الأمور ، أشار إلى أن حكمه فيهم كحكمه في غيرهم من غير فرق بالتعبير عنهم ب " ما " التي أصلها وأغلب استعمالها لمن لا يعقل ، وسياق العظمة بالوحدانية وآثارها دال على دخولها في العبادة قطعاً فقال : { وما بينهما } أي الخافقين من الفضاء والهواء وغيرهما من العناصر والنبات والحيوانات العقلاء وغيرها ، ربي كل شيء من ذلك إيجاداً وإبقاء على ما يريد وإن كره ذلك المربوب ، فدل ذلك على قهره ، وتفرده في جميع أمره .
ولما كان السياق للإنذار ، كرر ما يدل على القهر فقال : { العزيز } أي الذي يعز الوصول إليه ويغلب كل شيء ولا يغلبه شيء ، ولما ثبت أنه يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء ، وكانت دلالة الوصفين العظيمين على الوعيد أظهر من إشعارها بالوعد ، كان موضع قولهم ، فما له لا يعجل بالهلاك لمن يخالفه فقال : { الغفار * } أي المكرر ستره لما يشاء من الذنوب حلماً إلى وقت الماحي لها بالكلية بالنسبة إلى من يشاء من العباد كما فعل مع أكثر الصحابة رضي الله عنهم حيث غفر لهم ما اقترفوه قبل الإسلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.