في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ} (17)

والآن - وبينما هم في هذا الأمان على ظهر الأرض الذلول ، وفي هذا اليسر الفائض بإذن الله وأمره . . الآن يهز هذه الأرض الساكنة من تحت أقدامهم هزا ويرجها رجا فإذا هي تمور . ويثير الجو من حولهم فإذا هو حاصب يضرب الوجوه والصدور . . يهز هذه الأرض في حسهم ويثير هذا الحاصب في تصورهم ، لينتبهوا من غفلة الأمان والقرار ، ويمدوا بأبصارهم إلى السماء وإلى الغيب ، ويعلقوا قلوبهم بقدر الله :

( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ? أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ? فستعلمون كيف نذير ! ولقد كذب الذين من قبلهم . فكيف كان نكير ? ) . .

والبشر الذين يعيشون على ظهر هذه الدابة الذلول ، ويحلبونها فينالون من رزق الله فيها نصيبهم المعلوم ! يعرفون كيف تتحول إلى دابة غير ذلول ولا حلوب ، في بعض الأحيان ، عندما يأذن الله بأن تضطرب قليلا فيرتج كل شيء فوق ظهرها أو يتحطم ! ويمور كل ما عليها ويضطرب فلا تمسكه قوة ولا حيلة . ذلك عند الزلازل والبراكين ، التي تكشف عن الوحش الجامح ، الكامن في الدابة الذلول ، التي يمسك الله بزمامها فلا تثور إلا بقدر ، ولا تجمح إلا ثواني معدودات يتحطم فيها كل ما شيد الإنسان على ظهرها ؛ أو يغوص في جوفها عندما تفتح أحد أفواهها وتخسف كسفه منها . . وهي تمور . . البشر ولا يملكون من هذا الأمر شيئا ولا يستطيعون .

وهم يبدون في هول الزلزال والبركان والخسف كالفئران الصغيرة محصورة في قفص الرعب ، من حيث كانت آمنة لاهية غافلة عن القدرة الكبرى الممسكة بالزمام !

والبشر كذلك يشهدون العواصف الجامحة الحاصبة التي تدمر وتخرب ، وتحرق وتصعق . وهم بإزائها ضعاف عاجزون ، بكل ما يعلمون وما يعملون . والعاصفة حين تزأر وتضرب بالحصى الحاصب ، وتأخذ في طريقها كل شيء في البر أو البحر أو الجو يقف الإنسان أمامها صغيرا هزيلا حسيرا حتى يأخذ الله بزمامها فتسلس وتلين !

والقرآن يذكر البشر الذين يخدعهم سكون الدابة وسلامة مقادتها ، ويغريهم الأمان بنسيان خالقها ومروضها . يذكرهم بهذه الجمحات التي لا يملكون من أمرها شيئا . والأرض الثابتة تحت أقدامهم ترتج وتمور ، وتقذف بالحمم وتفور . والريح الرخاء من حولهم تتحول إلى إعصار حاصب لا تقف له قوة في الأرض من صنع البشر ، ولا تصده عن التدمير . . يحذرهم وينذرهم في تهديد يرج الأعصاب ويخلخل المفاصل .

( فستعلمون كيف نذير ) ! ! !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ} (17)

16

حاصبا : ريحا شديدة فيها حصباء تهلككم .

نذير : إنذاري وتخويفي .

17- أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير .

أي : بل هل أمنتم من في السماء ملكه وسلطانه وأمره وقضاؤه ، أن يرسل عليكم ريحا مصحوبة بحجارة من السماء ، كما أرسلها على قوم لوط ، وأصحاب الفيل بمكة ؟ وعند نزول العذاب بكم فسترون كيف تكون شدة غضبي وقوة انتقامي .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ} (17)

وقوله { فستعلمون } أي عند معاينة العذاب { كيف نذير } أي إنذاري بالعذاب .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ} (17)

{ حاصبا } يحتمل أن يريد حجارة أو ريحا شديدة .

{ نذير } بمعنى : الإنذار .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ} (17)

ولما كانوا ربما استبعدوا الخسفة ، وكانوا يعهدون ما ينزل من السماء من الندى والأمطار والصواعق ، عادل بذلك قوله : { أم أمنتم } أي أيها المكذبون ، وكرر لهم ذكر ما يخشونه زيادة في الترهيب فقال : { من في السماء } على التقديرين { أن يرسل{[66967]} عليكم } {[66968]}أي من السماء{[66969]} { حاصباً * } أي حجارة{[66970]} يحصبكم - أي يرميكم - بها مع ريح عاصف بقوتها كما وقع لقوم لوط وأصحاب الفيل .

ولما كان{[66971]} هذا الكلام إنذاراً عظيماً ووعظاً بليغاً شديداً{[66972]} ، وكان حالهم عنده{[66973]} متردداً بين إقبال وإدبار ، سبب عنه على تقدير إدبارهم بتماديهم بما للإنسان من النقصان قوله متوعداً بما يقطع القلوب ، ولفت القول إلى مقام التكلم إيذاناً بتشديد الغضب : { فستعلمون } أي عن قريب بوعد{[66974]} لا خلف فيه في الدنيا ثم{[66975]} في الآخرة .

ولما كان العلم بكيفية الشيء أعظم من العلم بمطلق ذلك الشيء ، لأنه يلزم من العلم بها العلم {[66976]}بمطلق ذلك الشيء{[66977]} ، وكان ما هو بحيث يسأل عنه لا يكون إلا عظيماً قال : { كيف نذير * } أي إنذاري البليغ إذا شاهدتم العذاب ، وهو بحيث لا يستطاع ، ولا تتعلق الأطماع بكشف له ولا دفاع ، وحذف الياء منه و{[66978]}من " نكير " إشارة إلى أنه وإن كان خارجاً عن الطوق ليس منتهى مقدوره بل لديه مزيد ، لا غاية له بوجه ولا تحديد .


[66967]:- زيد في الأصل: أي من السماء أن يسلط، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[66968]:- من ظ وم، وفي الأصل: بقدرته.
[66969]:- من ظ وم، وفي الأصل: بقدرته.
[66970]:-زيد من ظ وم.
[66971]:- زيد في الأصل: في، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[66972]:- سقط من ظ وم.
[66973]:- من ظ ، وفي الأصل وم: عندهم.
[66974]:- في ظ وم: بوعيد.
[66975]:- من ظ وم، وفي الأصل: ولا.
[66976]:- في ظ وم: به.
[66977]:- في ظ وم: به.
[66978]:- زيد من ظ وم.