فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ} (17)

ثم كرر سبحانه التهديد لهم بوجه آخر فقال : { أم أمنتم } إضراب التهديد بما ذكر ، وانتقال إلى التهديد بوجه آخر ، أي بل أأمنتم { من في السماء } وهو الله سبحانه وتعالى ، وفيه دليل على علوه ومباينته عن خلقه باستوائه على عرشه .

{ أن يرسل عليكم حاصبا } أي حجارة من السماء كما أرسلها على قرية قوم لوط وأصحاب الفيل ، وقيل : سحاب فيها حجارة ، وقيل : ريح فيها حجارة وحصباء ، كأنها تقلع الحصباء لشدتها وقوتها ، والكلام فيه كالكلام في أن يخسف بكم الأرض ، فهو إما بدل اشتمال ، أو بتقدير من .

{ فستعلمون } عند معاينة العذاب ( {[1606]} ) { كيف نذير } أي إنذاري بالعذاب ، أي أنه حق ، قاله المحلي ، وقيل : النذير هنا محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله عطاء والضحاك ، والمعنى : ستعلمون رسولي وصدقه ، والأول أولى .


[1606]:قال الحفناوي ظاهر سياق أن المراد العذاب الموعود به وهو خسف الأرض وكذا في قوله الآتي {فكيف كان نكير} فيقتضي أن كفار مكة قد خسف بهم ورموا بالأحجار مع أنهم لم يقع لهم ذلك، فإن قيل: المراد بقوله فستعلمون الخ التخويف بعذاب الآخرة قلنا يصير في الكلام نوع تفكيك خصوصا وقد قال أبو السعود إي إنذاري عند مشاهدتكم للمنذر به ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ انتهى وهذا يقتضي أن الكلام في العذاب المخوف به وقد علمت ما فيه ولم نر من الشراح من نبه على هذا والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.