في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرۡتُم بِهِۦ مَنۡ أَضَلُّ مِمَّنۡ هُوَ فِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (52)

37

وأمام هذه النفس العارية من كل رداء ، المكشوفة من كل ستار ، يسألهم : فماذا أنتم إذن صانعون إن كان هذا الذي تكذبون به ، من عند الله ، وكان هذا الوعيد حقاً ؛ وكنتم تعرضون أنفسكم لعاقبة التكذيب والشقاق :

( قل : أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به ? من أضل ممن هو في شقاق بعيد ? ) . .

إنه احتمال يستحق الاحتياط . فماذا أخذوا لأنفسهم من وسائل الاحتياط ? !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرۡتُم بِهِۦ مَنۡ أَضَلُّ مِمَّنۡ هُوَ فِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (52)

القول في تأويل قوله تعالى :

وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسّهُ الشّرّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ

يقول تعالى ذكره : وإذا نحن أنعمنا على الكافر ، فكشفنا ما به من ضرّ ، ورزقناه غنىً وسعةً ، ووهبنا له صحة جسم وعافية ، أعرض عما دعوناه إليه من طاعته ، وصدّ عنه وَنأَى بجانِبِهِ يقول : وبعد من إجابتنا إلى ما دعوناه إليه ، ويعني بجانبه بناحيته . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : أعْرَضَ وَنأَى بِجانِبِهِ يقول : أعرض : صدّ بوجهه ، ونأى بجانبه : يقول : تباعد .

وقوله : وَإذَا مَسّه الشّرّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ يعني بالعريض : الكثير . كما :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ يقول : كثير ، وذلك قول الناس : أطال فلان الدعاء : إذا أكثر ، وكذلك أعرض دعاءه .

القول في تأويل قوله تعالى :

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللّهِ ثُمّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلّ مِمّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قُلْ يا محمد للمكذّبين بما جئتهم به من عند ربّك من هذا القرآن أرَأَيْتُمْ أيها القوم إنْ كانَ هذا الذي تكذّبون به مِنْ عِنْدِ اللّهِ ثُمّ كَفَرْتُمْ بِهِ ألستم فِي فِراقٍ للحق وبعدٍ من الصواب ، فجعل مكان التفريق الخبر ، فقال : مَنْ أضَلّ مِمّنْ هُوَ في شِقاقٍ بَعَيدٍ إذا كان مفهوماً معناه .

وقوله : مَنْ أضَلّ مِمّنْ هُوَ في شِقاقٍ بَعَيدٍ يقول : قل لهم من أشدّ ذهاباً عن قصد السبيل ، وأسلك لغير طريق الصواب ، ممن هو في فراقٍ لأمر الله وخوفٍ له ، بعيد من الرشاد .