فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرۡتُم بِهِۦ مَنۡ أَضَلُّ مِمَّنۡ هُوَ فِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (52)

ثم رجع سبحانه إلى مخاطبة الكفار ومحاجتهم فقال : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ } أي أخبروني عن حالتكم العجيبة ، واستعمال أرأيتم بمعنى الإخبار مجاز ، ووجه المجاز أنه لما كان العلم بالشيء سببا للإخبار عنه أو الإبصار به طريقا إلى الإحاطة به علما ، وإلى صحة الإخبار عنه استعملت الصيغة التي لطلب العلم أو لطلب الإبصار في طلب الخير لاشتراكهما في الطلب ، ففيه مجازان : استعمال رأي التي بمعنى علم أو أبصر في الإخبار ، واستعمال الهمزة التي هي لطلب الرؤية في طلب الإخبار قاله الشهاب .

{ إِنْ كَانَ } القرآن { مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } كما قلت { ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ } أي كذبتم به ، ولم تقبلوه ولا عملتم بما فيه { مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ } خلاف { بَعِيدٍ } عن الحق أي لا أحد أضل منكم لفرط شقاوتكم ، وشدة عداوتكم والأصل أي شيء أضل منكم فوضع من هو في شقاق موضع الضمير لبيان حالهم في المشاقة ، وأنها السبب الأعظم في ضلالهم .