اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرۡتُم بِهِۦ مَنۡ أَضَلُّ مِمَّنۡ هُوَ فِي شِقَاقِۭ بَعِيدٖ} (52)

قوله تعالى : ( قلْ أرَأيْتُمْ ) تقدم الكلام عليها ، ومفعولها الأول هنا محذوف ، تقديره أرأيتم أنْفُسَكُمْ والثاني{[48978]} هو الجملة الاستفهامية .

فصل

ومعنى الآية إنكم لما سمعتم هذا القول القرآن أعرضتم عنه ، وما تأملتهم فيه وبالغتم في النُّفرةِ عنه حتى قلتم قلوبنا في أكنة مما تدعوننا إليه وفي آذننا وقر ومن المعلوم بالضرورة أنه ليس العلم بكون القرآن باطلاً وليس العلم فساد القول بالتوحيد والنبوة علماً بديهيًّا فقيل : الدليل يحتمل أن يكون صحيحاً ، وأن يكون فساداً ، فبتقدير أن يكون صحيحاً كان إصراركم على دفعة من أعظم موجبات العقاب فيجب عليكم أن تتركوا هذه النفرة ، وأن ترجعوا إلى النظر والاستدلال فإن دَلَّ دليل على صحته قَبِلْتُموهُ ، وإن دل دليل على فساده تركتموه ، وقبل الدليل فالإصرار على الدفع والإعراض بعيد عن العقل .

فقوله : { مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } موضوع موضع بيان حالهم وصفتهم{[48979]} .


[48978]:البحر المحيط 7/505، والسمين 4/740.
[48979]:الرازي 27/138 و139.