تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ} (24)

{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ } أي : من بني إسرائيل { أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } أي : علماء بالشرع ، وطرق الهداية ، مهتدين في أنفسهم ، يهدون غيرهم بذلك الهدى ، فالكتاب الذي أنزل إليهم ، هدى ، والمؤمنون به منهم ، على قسمين : أئمة يهدون بأمر اللّه ، وأتباع مهتدون بهم .

والقسم الأول أرفع الدرجات بعد درجة النبوة والرسالة ، وهي درجة الصديقين ، وإنما نالوا هذه الدرجة العالية بالصبر على التعلم والتعليم ، والدعوة إلى اللّه ، والأذى في سبيله ، وكفوا أنفسهم عن جماحها في المعاصي ، واسترسالها في الشهوات .

{ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } أي : وصلوا في الإيمان بآيات اللّه ، إلى درجة اليقين ، وهو العلم التام ، الموجب للعمل ، وإنما وصلوا إلى درجة اليقين ، لأنهم تعلموا تعلمًا صحيحًا ، وأخذوا المسائل عن أدلتها المفيدة لليقين .

فما زالوا يتعلمون المسائل ، ويستدلون عليها بكثرة الدلائل ، حتى وصلوا لذاك ، فبالصبر واليقين ، تُنَالُ الإمامة في الدين .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ} (24)

قوله : { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ } أي لما صبر المؤمنون من بني إسرائيل على أوامر الله والابتعاد عن زواجره ونواهيه ، وصدّقوا رسله ، واتبعوهم فيما جاءوهم به من عند ربهم ، وكانوا موقنين بآيات الله على أنها حق وصدق ، جعل الله منهم أئمة في العلم والتقوى ، يهدون الناس إلى الحق بأمر الله ويدعونهم إلى ما تضمنته التوراة من البينات والشرائع والحكمة فيدعون إلى الخير ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر . لكنهم لما بدلوا وزيفوا ما أنزل إلهم وحرفوه تحريفا ، سلبهم الله مقام الإمامة للناس ، وحيل بينهم وبين صلوحهم أن يُقتدى بهم ؛ فهم أجدر أن لا يُقتدى بهم بعد التحريف وأن لا يكونوا موضع ثقة وائتمان في إمامة ولا ريادة ولا قيادة لأمة من الأمم . وذلك لفرط ما تلبسوا به من تحريف وتزييف لآيات الله ، وتلاعب في كتابهم التوراة .