تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَلَّاۖ لَيُنۢبَذَنَّ فِي ٱلۡحُطَمَةِ} (4)

{ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ } أي : ليطرحن { فِي الْحُطَمَةِ }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَلَّاۖ لَيُنۢبَذَنَّ فِي ٱلۡحُطَمَةِ} (4)

ثم رد على هذه الحسبة وأخبر إخباراً مؤكداً أنه ينبذ { في الحطمة } أي التي تحطيم ما فيها وتلتهبه ، وقرأ : «يحسَب » بفتح السين الأعرج ، وأبو جعفر ، وشيبة ، وقرأ ابن محيصن والحسن بخلاف عنه : «لينبذان » بنون مكسورة مشددة قبلها ألف ، يعني هو ماله ، وروي عنه ضم الذال على نبذ جماعة هو ماله وعدده ، أو يريد جماعة الهمزات .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَلَّاۖ لَيُنۢبَذَنَّ فِي ٱلۡحُطَمَةِ} (4)

{ كلاّ }

و { كلاّ } إبطال لأن يكون المال مُخلدّاً لهم . وزجر عن التلبس بالحالة الشنيعة التي جعلتهم في حال من يحسب أن المال يخلد صاحبه ، أو إبطال للحرص في جمع المال جمعاً يمنع به حقوق الله في المال من نفقات وزكاة .

{ لَيُنبَذَنَّ فِى الحطمة } .

استئناف بياني ناشىء عن ما تضمنته جملة : { يحسب أن ماله أخلده } من التهكم والإِنكار ، وما أفاده حرف الزجر من معنى التوعد .

والمعنى : ليَهْلِكَنَّ فَليُنْبَذَنَّ في الحُطمة .

واللام جواب قسم محذوف . والضمير عائد إلى الهمزة .

والنبذ : الإِلقاء والطرح ، وأكثر استعماله في إلقاء ما يكره . قال صاحب « الكشاف » في قوله تعالى : { فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم } [ القصص : 40 ] شبههم استحقاراً لهم بحَصَيات أخذَهُن آخذٌ بكفه فطرحهن اه .

والحُطمة : صفة بوزن فُعَلَة ، مثل ما تقدم في الهُمزة ، أي لينبذن في شيء يحطمه ، أي يكسره ويدقه .

والظاهر أن اللام لتعريف العهد لأنه اعتبر الوصف علماً بالغلبة على شيء يحطم وأريد بذلك جهنم ، وأن إطلاق هذا الوصف على جهنم من مصطلحات القرآن . وليس في كلام العرب إطلاق هذا الوصف على النار .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{كَلَّاۖ لَيُنۢبَذَنَّ فِي ٱلۡحُطَمَةِ} (4)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ كلا } لا يخلده ماله وولده ، ثم استأنف ، فقال : { لينبذن في الحطمة } يقول : ليتركن في الحطمة . ..

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله : { كَلاّ } يقول تعالى ذكره : ما ذلك كما ظنّ ، ليس مالُه مخلدَه ، ثم أخبر جلّ ثناؤه أنه هالك ومعذّب على أفعاله ومعاصيه ، التي كان يأتيها في الدنيا ، فقال جلّ ثناؤه : { لَيُنْبَذَنّ فِي الْحُطَمَةِ } : يقول : ليُقذفنّ يوم القيامة في الحُطَمة ، والحطمة : اسم من أسماء النار ، كما قيل لها : جهنم وسَقَر ولَظَى ، وأحسبها سميت بذلك لحَطْمِها كلّ ما ألقي فيها ، كما يقال للرجل الأكول : الحُطَمَة .

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

أما قوله تعالى : { لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة } فإنما ذكره بلفظ النبذ الدال على الإهانة ، لأن الكافر كان يعتقد أنه من أهل الكرامة ، وقرئ ( لينبذان ) أي هو وماله و( لينبذن ) بضم الذال أي هو وأنصاره ، وأما : { الحطمة } فقال المبرد : إنها النار التي تحطم كل من وقع فيها ورجل حطمة أي شديد الأكل يأتي على زاد القوم ، وأصل الحطم في اللغة الكسر ، ويقال : شر الرعاء الحطمة ، يقال : راع حطمة وحطم بغير هاء كأنه يحطم الماشية أي يكسرها عند سوقها لعنفه ، قال المفسرون : الحطمة اسم من أسماء النار... وقال مقاتل : هي تحطم العظام وتأكل اللحوم حتى تهجم على القلوب ...

واعلم أن الفائدة في ذكر جهنم بهذا الاسم ههنا وجوه :

( أحدها ) الاتحاد في الصورة كأنه تعالى يقول : إن كنت همزة لمزة فوراءك الحطمة ( والثاني ) : أن الهامز بكسر عين ليضع قدره فيلقيه في الحضيض فيقول تعالى : وراءك الحطمة ، وفي الحطم كسر فالحطمة تكسرك وتلقيك في حضيض جهنم لكن الهمزة ليس إلا الكسر بالحاجب ، أما الحطمة فإنها تكسر كسرا لا تبقي ولا تذر

( الثالث ) : أن الهماز اللماز يأكل لحم الناس والحطمة أيضا اسم للنار من حيث إنها تأكل الجلد واللحم ، ويمكن أن يقال : ذكر وصفين الهمز واللمز ، ثم قابلهما باسم واحد وقال : خذ واحدا مني بالاثنين منك فإنه يفي ويكفي ، فكأن السائل يقول : كيف يفي الواحد بالاثنين ؟ فقال : إنما تقول : هذا لأنك لا تعرف هذا الواحد فلذلك قال : { وما أدراك ما الحطمة } .

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ كلا } أي لا يكون ما حسبه ؛ لأنه لا يكون له ما لا يكون لغيره من أمثاله ؛ بل يموت كما مات كل حي مخلوق . ولما كان كأنه قيل : فما الذي يفعل به بعد الموت ؟ قال مقسماً دالاًّ باللام الداخلة على الفعل على القسم : { لينبذن } أي ليطرحن بعد موته طرح ما هو خفيف هين جداً على كل طارح ، كما دل عليه التعبير بالنبذ وبالبناء للمفعول { في الحطمة } أي الطبقة من النار التي من شأنها أن تحطم ، أي تكسر وتهشم بشدة وعنف كل ما طرح فيها فيكون أخسر الخاسرين ، وعبر بها في مقابلة الاستعداد بالمال الحامل على الاستهانة بالخلق ،...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

«لينبذنّ » من نبذ ، أي كما يقول الراغب في مفرداته رمي الشيء لتفاهة قيمته . أي إنّ اللّه سبحانه يرمي هؤلاء المغرورين المتعالين يوم القيامة في نار جهنّم كموجودات تافهة لا قيمة لها ، ليروا نتيجة كبرهم وغرورهم . «الحطمة » صيغة مبالغة من «حطّم » أي هشّم . وهذا يعني أنّ نار جهنّم تهشّم أعضاء هؤلاء . ويستفاد من بعض الرّوايات أن «الحطمة » ليست كلّ نار جهنّم ؛ بل هي طبقة رهيبة في حرارتها . مفهوم تهشّم الأعضاء بدل احتراقها في نار جهنّم ...