مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{كَلَّاۖ لَيُنۢبَذَنَّ فِي ٱلۡحُطَمَةِ} (4)

أما قوله تعالى : { لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة } فإنما ذكره بلفظ النبذ الدال على الإهانة ، لأن الكافر كان يعتقد أنه من أهل الكرامة ، وقرئ ( لينبذان ) أي هو وماله و( لينبذن ) بضم الذال أي هو وأنصاره ، وأما : { الحطمة } فقال المبرد : إنها النار التي تحطم كل من وقع فيها ورجل حطمة أي شديد الأكل يأتي على زاد القوم ، وأصل الحطم في اللغة الكسر ، ويقال : شر الرعاء الحطمة ، يقال : راع حطمة وحطم بغير هاء كأنه يحطم الماشية أي يكسرها عند سوقها لعنفه ، قال المفسرون : الحطمة اسم من أسماء النار وهي الدركة الثانية من دركات النار ، وقال مقاتل : هي تحطم العظام وتأكل اللحوم حتى تهجم على القلوب ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن الملك ليأخذ الكافر فيكسره على صلبه كما توضع الخشبة على الركبة فتكسر ثم يرمي به في النار »

واعلم أن الفائدة في ذكر جهنم بهذا الاسم ههنا وجوه : ( أحدها ) الاتحاد في الصورة كأنه تعالى يقول : إن كنت همزة لمزة فوراءك الحطمة ( والثاني ) : أن الهامز بكسر عين ليضع قدره فيلقيه في الحضيض فيقول تعالى : وراءك الحطمة ، وفي الحطم كسر فالحطمة تكسرك وتلقيك في حضيض جهنم لكن الهمزة ليس إلا الكسر بالحاجب ، أما الحطمة فإنها تكسر كسرا لا تبقي ولا تذر

4