تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا} (31)

{ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا } الفاكهة : ما يتفكه فيه الإنسان ، من تين وعنب وخوخ ورمان ، وغير ذلك .

والأب : ما تأكله البهائم والأنعام ، ولهذا قال : { مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا} (31)

و «الأبّ » : المرعى قاله ابن عباس ومجاهد وابن زيد وقتادة ، وقال الضحاك : «الأبّ » : التبن ، وفي اللفظة غرابة وقد توقف في تفسيرها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا} (31)

والفاكهة : الثمار التي تؤكل للتفكه لا للإقتيات ، مثل الرُّطَب والعِنب الرَّطْب والرمان واللوز .

والأبُّ : بفتح الهمزة وتشديد الباء : الكلأ الذي ترعاه الأنعام ، روي أن أبا بكر الصديق سُئل عن الأبّ : ما هو ؟ فقال : « أيُّ سماءٍ تُظلني ، وأيُّ أرض تُقِلَّني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به » وروي أن عمر بن الخطاب قرأ يوماً على المنبر : { فأنبتنا فيها حباً } إلى { وأبّاً } فقال : كلّ هذا قد عرفناه فما الأبّ ؟ ثم رفع عصا كانت في يده ، وقال : هذا لعمر الله هو التكلف فما عليك يا ابن أمّ عمر أن لا تدري ما الأبّ ابتغوا ما بُيّن لكم من هذا الكتاب فاعملوا به ، وما لم تعرفوه فَكِلوه إلى ربه » . وفي « صحيح البخاري » عن عُمر بعض هذا مختصراً .

والذي يظهر لي في انتفاء علم الصديق والفاروق بمدلول الأبّ وهما من خُلّص العرببِ لأحد سببين :

إما لأن هذا اللفظ كان قد تنوسي من استعمالهم فأحياه القرآن لرعاية الفاصلة فإن الكلمة قد تشتهر في بعض القبائل أو في بعض الأزمان وتُنسى في بعضها مثل اسم السِّكين عندَ الأوس والخزرج ، فقد قال أنس بن مالك : « ما كُنَّا نَقول إلا المُدْية حتى سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أن سليمان عليه السلام قال : " ائيتوني بالسكين أقْسِمْ الطفْلَ بينهما نصفين " .

وإما لأن كلمة الأبّ تطلق على أشياء كثيرة منها النبت الذي ترعاه الأنعام ، ومنها التبن ، ومنها يابس الفاكهة ، فكان إمساك أبي بكر وعمر عن بيان معناه لعدم الجزم بما أراد الله منه على التعيين ، وهل الأبّ مما يرجع إلى قوله : { متاعاً لكم } أو إلى قوله : { ولأنعامكم } في جمْع ما قُسِّم قبله .

وذكر في « الكشاف » وجهاً آخر خاصاً بكلام عُمر فقال : « إن القوم كانتْ أكبر همتهم عاكفة على العمل ، وكان التشاغل بشيء من العلم لا يُعمل به تكلفاً عندهم ، فأراد عمر أن الآية مسوقة في الامتنان على الإِنسان . وقد علم من فحوى الآية أنّ الأبَّ بعض ما أنبته الله للإِنسان متاعاً له ولأنعامه فعليك بما هو أهم من النهوض بالشكر لله على ما تبين لك مما عُدد من نعمه ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأبّ ومعرفة النبات الخاص الذي هو اسم له واكتف بالمعرفة الجملية إلى أن يتبين لك في غير هذا الوقت ، ثم وصى الناس بأن يَجروا على هذا السَنن فيما أشبه ذلك من مشكلات القرآن ا ه » . ولم يأت كلام « الكشاف » بأزيد من تقرير الإِشكال .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا} (31)

تفسير الإمام مالك 179 هـ :

ابن رشد: قال مالك: وسئل عمر بن الخطاب عن قوله: {وأبا} ما الأب؟ فقال: هذا لعمر الله التكلف...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وفاكهة: ما يأكله الناس من ثمار الأشجار، والأبّ: ما تأكله البهائم من العُشب والنبات...

عن الحسن وَفاكِهَةً قال: ما يأكل ابن آدم...

عن مجاهد وَفاكِهَةً قال: ما أكل الناس...

عن ابن عباس، قال: الأبّ: نبت الأرض مما تأكله الدوابّ، ولا يأكله الناس...

عن ابن عباس، قال: الأبّ: الكلأ والمرعى كله...

وقال آخرون: الأبّ: الثمار الرّطبة...

عن ابن عباس، قوله:"وأبّا "يقول: الثمار الرطبة...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

والأب: الكلأ؛ فيخبر أنه أنشأ هذه الأشياء لتكون متاعا للخلق والأنعام لا لمنافع نفسه...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

والأب: المرعى، لأنه يؤبّ أي يؤم وينتجع... وعن عمر رضي الله عنه: أنه قرأ هذه الآية فقال: كل هذا قد عرفنا، فما الأب؟ ثم رفض عصاً كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلف، وما عليك يا ابن أمّ عمر أن لا تدري ما الأب، ثم قال: اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب، وما لا فدعوه فإن قلت: فهذا يشبه النهي عن تتبع معاني القرآن والبحث عن مشكلاته. قلت: لم يذهب إلى ذلك، ولكن القوم كانت أكبر همتهم عاكفة على العمل، وكان التشاغل بشيء من العلم لا يعمل به تكلفاً عندهم؛ فأراد أنّ الآية مسوقة في الامتنان على الإنسان بمطعمه واستدعاء شكره، وقد علم من فحوى الآية أنّ الأب بعض ما أنبته الله للإنسان متاعاً له أو لإنعامه؛ فعليك بما هو أهم من النهوض بالشكر لله -على ما تبين لك ولم يشكل- مما عدّد من نعمه، ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأب ومعرفة النبات الخاص الذي هو اسم له، واكتف بالمعرفة الجميلة إلى أن يتبين لك في غير هذا الوقت، ثم وصى الناس بأن يجروا على هذا السنن فيما أشبه ذلك من مشكلات القرآن...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والفاكهة: الثمار التي تؤكل للتفكه لا للاقتيات... والأبُّ: بفتح الهمزة وتشديد الباء: الكلأ الذي ترعاه الأنعام، روي أن أبا بكر الصديق سُئل عن الأبّ: ما هو؟ فقال: « أيُّ سماءٍ تُظلني، وأيُّ أرض تُقِلَّني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به» وروي أن عمر بن الخطاب قرأ يوماً على المنبر: {فأنبتنا فيها حباً} إلى {وأبّاً} فقال: كلّ هذا قد عرفناه فما الأبّ؟ ثم رفع عصا كانت في يده، وقال: هذا لعمر الله هو التكلف فما عليك يا ابن أمّ عمر أن لا تدري ما الأبّ ابتغوا ما بُيّن لكم من هذا الكتاب فاعملوا به، وما لم تعرفوه فَكِلوه إلى ربه». وفي « صحيح البخاري» عن عُمر بعض هذا مختصراً. والذي يظهر لي في انتفاء علم الصديق والفاروق بمدلول الأبّ وهما من خُلّص العربِ لأحد سببين: إما لأن هذا اللفظ كان قد تنوسي من استعمالهم فأحياه القرآن لرعاية الفاصلة فإن الكلمة قد تشتهر في بعض القبائل أو في بعض الأزمان وتُنسى في بعضها مثل اسم السِّكين عندَ الأوس والخزرج، فقد قال أنس بن مالك: « ما كُنَّا نَقول إلا المُدْية حتى سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أن سليمان عليه السلام قال: "ائيتوني بالسكين أقْسِمْ الطفْلَ بينهما نصفين". وإما لأن كلمة الأبّ تطلق على أشياء كثيرة منها النبت الذي ترعاه الأنعام، ومنها التبن، ومنها يابس الفاكهة، فكان إمساك أبي بكر وعمر عن بيان معناه لعدم الجزم بما أراد الله منه على التعيين، وهل الأبّ مما يرجع إلى قوله: {متاعاً لكم} أو إلى قوله: {ولأنعامكم} في جمْع ما قُسِّم قبله...

الشعراوي- 1419هـ:

لسيدنا أبي بكر رضي الله عنه قصة مشهورة حين سئل عن الأب، فقال: «أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني إن قلت في كتاب الله بغير علم؟!».. فسيدنا أبو بكر رضي الله عنه وقف عند مجرد اللفظ.

وقريب منها قصة لسيدنا عمر رضي الله عنه، حين قال: «الفاكهة عرفناها، فما هو الأب؟!» فهز ربطة كانت معه، وقال: «هذا هو التكلف يا ابن أم عمر، وما عليك إن لم تعرف معنى الأب؟! شيء امتن به الله على عباده، وهل كل أجناس النبات تعرف؟!».. فما عليك إلا أن تجدها وتتمتع بها، فهل انتفاعك بالشيء يترتب على معرفتك اسمه؟!

فسيدنا عمر رضي الله عنه ينبهنا بهذه القصة إلى أن لا نتنطع؛ لأن انتفاعك بالشيء لا يستلزم بالضرورة أن تعرفه، فهل إذا وجدت فاكهة يأكلها الناس لا أنتفع بها لعدم معرفتي اسمها؟! فكأنه يقول للناس: إن الذي تعرفونه من كتاب أنتم عاملون به، والذي لا تعرفونه فخذوه على اعتبار أنه من عظمة الله عز وجل، ومن خلق الله سبحانه وتعالى.

وكذلك يدلنا على أن أبا بكر رضي الله عنه على جلالة قدره، وعمر رضي الله عنه بسمو منزلته لم يجدا غضاضة ولا خجلاً في أن يمر عليهما لفظ لا يعرفانه، فهما يعلّمان الناس أمانة أداء العلم، الخليفة نفسه يعلم الناس أمانة أداء العلم، وهذا ليس فيه أي غضاضة، فإن الذي يغض من نفس الإنسان، بل قد يحمله على أن يكذب في العلم هو كبرياء ذاته أمام السائل؛ لذلك فهذا هو السبب في قولهم: من قال: لا أدري.. فقد أجاب.. كيف أجاب وقد قال: لا أدري؟! لقد أجاب فعلاً؛ لأنه بقوله هذا فقد كلفك بأن تسأل غيره، أما لو كان أجابك خطأ فكنت ستطمئن إلى أن هذا هو الجواب، فتضيع الحقيقة منك، ويضيع منك الصواب، وليس من العيب أن يسأل الإنسان عن شيء لا يعرفه فيقول: لا أعرف.