تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (19)

والحرمان كل الحرمان ، أن يغفل العبد عن هذا الأمر ، ويشابه قوما نسوا الله وغفلوا عن ذكره والقيام بحقه ، وأقبلوا على حظوظ أنفسهم وشهواتها ، فلم ينجحوا ، ولم يحصلوا على طائل ، بل أنساهم الله مصالح أنفسهم ، وأغفلهم عن منافعها وفوائدها ، فصار أمرهم فرطا ، فرجعوا بخسارة الدارين ، وغبنوا غبنا ، لا يمكنهم تداركه ، ولا يجبر كسره ، لأنهم هم الفاسقون ، الذين خرجوا عن طاعة ربهم وأوضعوا في معاصيه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (19)

وقرأ الجمهور : «ولا تكونوا » بالتاء من فوق على مخاطبة جميع الذين آمنوا ، وقرأ أبو حيوة «يكونوا » بالياء من تحت كناية عن النفس التي هي اسم الجنس ، و { الذين نسوا الله } هم الكفار ، والمعنى : تركوا الله وغفلوا عنه ، حتى كانوا كالناسين ، وعبر عما حفهم به من الضلالة ب { فأنساهم أنفسهم } سمى عقوبتهم باسم ذنبهم بوجه ما ، وهذا أيضاً هو الجزاء على الذنب بالذنب تكسبوهم نسيان جهة الله فعاقبهم الله تعالى بأن جعلهم ينسون أنفسهم ، قال سفيان : المعنى حظ أنفسهم ، ويعطي لفظ هذه الآية ، أن من عرف نفسه ولم ينسها عرف ربه تعالى ، وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : اعرف نفسك تعرف ربك ، وروي عنه أنه قال أيضاً : من لم يعرف نفسه لم يعرف ربه .