الآية 19 وقوله تعالى : { ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم } قال بعض المفسرين : { نسوا الله } أي نسوا العمل لله ، والنسيان ، هو الترك ، أي تركوا العمل الواجب لله تعالى { فأنساهم أنفسهم } أي خذلهم الله تعالى بما نسوا .
ثم الوجه عندنا في الآية أن {[20976]} ليس أحد من البشر يعمل عملا إلا ، وهو يأمل بذلك نفعا لنفسه ؛ إذ من لا يعمل للنفع فهو غائب في الشاهد في ذلك العمل .
فهؤلاء لما لم يأتمروا بأمر الله تعالى ، ولم يطيعوا ، وتركوا العمل [ له ، صار ]{[20977]} تركهم العمل لله ، والعمل له ، عملا{[20978]} لأنفسهم ؛ فكأنه قال : نسوا [ أنفسهم ، فصاروا ]{[20979]} منسيين .
وقوله تعالى : { فأنساهم أنفسهم } أي خلق فعل النسيان والترك فيهم ، أضاف اختيار النسيان إليهم ، ثم أضاف الإنساء إلى نفسه ، وأثبت فعله فيه ، وليس هذا على أن تقدم منهم فعل النسيان ، ثم هو أنساهم بعد ذلك ، لكن على خلق ذلك فيهم وقت ما اختاروا ذلك الفعل ، وهو كقولهم : هداه الله تعالى ، فاهتدى ، واهتدى ، فهداه الله . فذلك كله في وقت واحد .
فكذلك هذا في الخذلان والنسيان لما اختار هو فعل النسيان خلق الله تعالى ذلك النسيان فيه كما خلق الهداية والكفر [ فيه ]{[20980]} عند اختياره . ولا يجوز أن يحمل ذلك على تقدم بعض على بعض .
وقوله تعالى : { فأنساهم أنفسهم } كقوله تعالى : { نسوا الله } إذ قوله تعالى : { أنفسهم } في قوله { نسوا الله } إذ العمل لله ، هو العمل لأنفسهم [ والعمل لأنفسهم ]{[20981]} هو العمل للذي أريد به وجه الله
فلذلك قلنا : إن كل واحد منهما لما في الآخرة .
ويحتمل وجها آخر ، وهو أنهم لما تركوا طاعة الله ، خذلهم{[20982]} الله تعالى بتركهم أمر الله وتركهم{[20983]} أنفسهم لهم ، ولم يوفقهم للخيرات والطاعات ، وهذا من أشد العقوبات .
ويحتمل أن يكون معناه أن يجازيهم في الآخرة جزاء ما عملوا بأن تركهم في الآخرة في العذاب الدائم ، فيكون ذلك جزاء لهم بما عملوا في الدنيا وبما تركوا [ من الإيمان ]{[20984]} بالله تعالى .
وهذان التأويلان يرجعان إلى ما ذكر من الخذلان في ما فعلوا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { أولئك هم الفاسقون } فالفسق ، هو الخروج عن أمر الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.