اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (19)

قوله تعالى : { وَلاَ تَكُونُواْ } .

العامة : على الخطاب ، وأبو حيوة : على الغيبة{[56067]} ، على الالتفات .

{ نَسُواْ الله } أي : تركوه { فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } أن يعملوا لها خيراً . قاله المقاتلان{[56068]} .

وقيل : نسوا حق الله ، فأنساهم حق أنفسهم . قاله سفيان .

وقيل : «نسُوا اللَّه » بترك ذكره وتعظيمه «فأنساهم أنفسَهُمْ » بالعذاب أن يذكر بعضهم بعضاً . حكاه ابن عيسى{[56069]} .

وقيل : قال سهل بن عبد الله : «نَسُوا اللَّهَ » عند الذنوب «فَأنسَاهُم أنفُسهُمْ » عند التوبة .

وقيل : «أنْسَاهُمْ أنفسَهُمْ » أي : أراهم يوم القيامة من الأحوال ما نسوا فيه أنفسهم ، كقوله تعالى : { لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ } [ إبراهيم : 43 ] ، { وَتَرَى الناس سكارى وَمَا هُم بسكارى ولكن عَذَابَ الله شَدِيدٌ }[ الحج : 2 ] .

ونسب تعالى الفعل إلى نفسه في «أنسَاهُمْ » إذ كان ذلك بسبب أمره ونهيه ، كقولك : أحمدت الرجل إذا وجدته محموداً .

وقيل : «نَسُوا اللَّهَ » في الرخاء «فأنَساهُمْ أنفُسُهمْ » في الشدائد .

{ أولئك هُمُ الفاسقون } . قال ابن جبير : العاصون{[56070]} .

وقال ابن زيد : الكاذبون{[56071]} ، وأصل الفِسْق الخروج ، أي : الذين خرجوا عن طاعة الله{[56072]} .


[56067]:ينظر: المحرر الوجيز 5/291، والبحر المحيط 8/249، والدر المصون 6/299.
[56068]:ينظر: الفخر الرازي 29/253.
[56069]:ينظر: القرطبي 18/29.
[56070]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (18/29).
[56071]:ينظر المصدر السابق.
[56072]:ينظر: القرطبي 18/29.