تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنۡهُم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

{ 10 ، 11 } { وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }

يقول تعالى مسليا لرسوله ومصبرا ، ومتهددا أعداءه ومتوعدا . { وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ } لما جاءوا أممهم بالبينات ، كذبوهم واستهزأوا بهم وبما جاءوا به . فأهلكهم الله بذلك الكفر والتكذيب ، ووفى لهم من العذاب أكمل نصيب . { فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } فاحذروا -أيها المكذبون- أن تستمروا على تكذيبكم ، فيصيبكم ما أصابهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنۡهُم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

قرىء «ولقد » بضم الدال مراعاة للضمة بعد الساكن الذي بعد الدال ، وقرىء بكسر الدال على عرف الالتقاء ، وهذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بالأسوة في الرسل وتقوية لنفسه على محاجّة المشركين وإخبار يتضمن وعيد مكذبيه والمستهزئين ، و «حاق » معناه نزل وأحاط ، وهي مخصوصة في الشر ، يقال حاق يحيق حيقاً ومنه قول الشاعر :

فأوطأ جرد الخيل عقر ديارهم *** وحاق بهم من بأس ضبة حائق{[4832]}

وقال قوم : أصل حاق حق فبدلت القاف الواحدة كما بدلت النون في تظننت{[4833]} .

قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف ، و { ما } في قوله : { ما كانوا } يصح أن تكون مع الفعل بتأويل المصدر ، كأنه قال : استهزاؤهم ، وهذا كناية عن العقوبة كما تهدد إنساناً فتقول سيلحقك عملك ، المعنى عاقبته ، وسخروا معناه استهزؤوا .


[4832]:- لم نعثر على قائل هذا البيت في المراجع التي بين أيدينا، ولم يستشهد به من المفسرين إلا صاحب "البحر المحيط"، والفرس الأجرد: القصير الشعر، وإذا وصف بذلك فالمعنى أنه سبّاق، وعقر الدار: وسطها. والحيق: ما حاق بالإنسان من مكر أو سوء عمل يعمله فينزل ذلك به، ومنه قوله عز وجل: {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله}، ومن حديث أبي بكر رضي الله عنه: "أخرجني ما أجد من حاق الجوع"، وحديث علي كرم الله وجهه: "تخوف من الساعة التي من سار فيها حاق به الضر".
[4833]:- فقيل فيها: تظنيت- وقد قال ابن عطية: "وهذا ضعيف" لأنها دعوى لا دليل على صحتها كما قال أبو حيان في "البحر".