تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ ٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (11)

فإن شككتم في ذلك ، أو ارتبتم ، فسيروا في الأرض ، ثم انظروا ، كيف كان عاقبة المكذبين ، فلن تجدوا إلا قوما مهلكين ، وأمما في المثلات تالفين ، قد أوحشت منهم المنازل ، وعدم من تلك الربوع كل متمتع بالسرور نازل ، أبادهم الملك الجبار ، وكان بناؤهم عبرة لأولي الأبصار . وهذا السير المأمور به ، سير القلوب والأبدان ، الذي يتولد منه الاعتبار . وأما مجرد النظر من غير اعتبار ، فإن ذلك لا يفيد شيئا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ ٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (11)

{ قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين } كيف أهلكهم الله بعذاب الاستئصال كي تعتبروا ، والفرق بينه وبين قوله : { قل سيروا في الأرض فانظروا } أن السير ثمت لأجل النظر ولا كذلك ها هنا ، ولذلك قيل معناه إباحة السير للتجارة وغيرها وإيجاب النظر في آثار الهالكين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ ٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (11)

هذه الجملة وزانها وزان البيان لمضمون الجملة التي قبلها ولذلك فصلت ، فإنّ الجملة التي قبلها تخبر بأنّ الذين استهزأوا بالرسل قد حاق بهم عواقب استهزائهم ، وهذه تّحدوهم إلى مشاهدة ديار أولئك المستهزئين . وليس افتتاح هذه الجملة بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم منافياً لكونها بياناً لأنّه خوطب بأن يقول ذلك البيان . فالمقصودُ ما بعد القول .

وافتتاحها بالأمر بالقول لأنّها واردة مورد المحاورة على قولهم { لولا أنزل عليه ملك } [ الأنعام : 1 ] .

وهذه سلسلة ردود وأجوبة على مقالتهم المحكية آنفاً لتضمّنها التصميم على الشرك وتكذيب الرسالة ، فكانت منحلّة إلى شبه كثيرة أريد ردّها وتفنيدها فكانت هاته الردود كلّها مفتتحة بكلمة { قل } ) عشر مرات .

و { ثم } للتراخي الرتبي ، كما هو شأنها في عطف الجمل ، فإنّ النظر في عاقبة المكذّبين هو المقصد من السير ، فهو ممّا يُرتقى إليه بعد الأمر بالسير ، ولأنّ هذا النظر محتاج إلى تأمّل وترسّم فهو أهمّ من السير .

والنظر يحتمل أن يكون بصرياً وأن يكون قلبياً ، وعلى الاحتماليين فقد علّقه الاستفهام عن نصب مفعوله أو مفعوليه . و { كيف } خبر لِ { كان } مقدّم عليها وجوباً .

والعاقبة آخر الشيء ومآله وما يعقبه من مسبّباته . ويقال : عاقبة وعقبى ، وهي اسم كالعافية والخاتمة .

وإنّما وصفوا بِ { المكذّبين } دون المستهزئين للدلالة على أنّ التكذيب والاستهزاء كانا خلقين من أخُلاقهم ، وأنّ الواحد من هذين الخلقين كاف في استحقاق تلك العاقبة ، إذ قال في الآية السابقة { فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون } [ الأنعام : 10 ] وقال في هذه الآية { كيف كان عاقبة المكذّبين } .

وهذا ردّ جامع لدحض ضلالاتهم الجارية على سنن ضلالات نظرائهم من الأمم السالفة المكذّبين .