تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

ثم ذكر الفريق الثاني فقال : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي : جمعوا بين الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ، وعمل الصالحات من الواجبات والمستحبات { إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا } وإحسان العمل : أن يريد العبد العمل لوجه الله ، متبعا في ذلك شرع الله . فهذا العمل لا يضيعه الله ، ولا شيئا منه ، بل يحفظه للعاملين ، ويوفيهم من الأجر ، بحسب عملهم وفضله وإحسانه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا } خبر إن الأولى وهي الثانية بما في حيزها ، والراجع محذوف تقديره من أحسن عملا منهم أو مستغنى عنه بعموم من أحسن عملا كما هو مستغنى عنه في قولك : نعم الرجل زيد ، أو واقع موقعه الظاهر فإن من أحسن عملا لا يحسن إطلاقه على الحقيقة إلا على الذين آمنوا وعملوا الصالحات .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

قوله عز وجل : { إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً } اعتراض مؤكد للمعنى ، مذكر بأفضال الله ، منبه على حسن جزائه بين قوله تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وقوله { أولئك } ، فقوله تعالى : { أولئك لهم جنات عدن } ابتداء وخبر جملة ، هي خبر { إن } الأولى ، ونحو هذا من الاعتراض قول الشاعر : [ البسيط ]

إن الخليفة إن الله ألبسه . . . سربال ملك به ترجى الخواتيم{[7805]}

قال الزجاج : ويجوز أن يكون خبر { إن } في قوله { إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً } لأن المحسنين هم المؤمنون فكأن المعنى : لا يضيع أجرهم .

قال القاضي أبو محمد : ومذهب سيبويه أن الخبر في قوله { لا نضيع } على حذف العائد تقديره ، { من أحسن عملاً } منهم .


[7805]:البيت من شواهد الفراء في (معاني القرآن 2- 140)، قال: "خبر {الذين آمنوا} في قوله: {إنا لا نضيع}، وهو مثل قول الشاعر: (إن الخليفة إن الله سربله البيت)، كأنه في المعنى: إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا، فترك الكلام الأول واعتمد على الثاني بنية التكرار، كما قال تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام}، قال: {قتال فيه}، يريد: عن قتال فيه بالتكرار، ويكون أن تجعل {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات} في مذهب جزاء، كقولك: إن من عمل صالحا فإنا لا نضيع أجره، فتضمر، فتضمن الفاء في قوله: [فإنا] وإلقاؤها جائز، وهي أحب الوجوه إلي، وإن شئت جعلت خبرهم مؤخرا، كأنك قلت: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم جنات عدن". هذا، والسربال: الدرع.