تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّآ ءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغۡفِرَ لَنَا خَطَٰيَٰنَا وَمَآ أَكۡرَهۡتَنَا عَلَيۡهِ مِنَ ٱلسِّحۡرِۗ وَٱللَّهُ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓ} (73)

{ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا } أي : كفرنا ومعاصينا ، فإن الإيمان مكفر للسيئات ، والتوبة تجب ما قبلها ، وقولهم ، { وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ } الذي عارضنا به الحق ، هذا دليل على أنهم غير مختارين في عملهم المتقدم ، وإنما أكرههم فرعون إكراها .

والظاهر -والله أعلم- أن موسى لما وعظهم كما تقدم في قوله : { وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ } أثر معهم ، ووقع منهم موقعا كبيرا ، ولهذا تنازعوا بعد هذا الكلام والموعظة ، ثم إن فرعون ألزمهم ذلك ، وأكرههم على المكر الذي أجروه ، ولهذا تكلموا بكلامه السابق قبل إتيانهم ، حيث قالوا : { إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا } فجروا على ما سنه لهم ، وأكرههم عليه ، ولعل هذه النكتة ، التي قامت بقلوبهم من كراهتهم لمعارضة الحق بالباطل وفعلهم ، ما فعلوا على وجه الإغماض ، هي التي أثرت معهم ، ورحمهم الله بسببها ، ووفقهم للإيمان والتوبة ، { والله خير } مما وعدتنا من الأجر والمنزلة والجاه ، وأبقى ثوابا وإحسانا لا ما يقول فرعون : { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى } يريد أنه أشد عذابا وأبقى . وجميع ما أتى من قصص موسى مع فرعون ، يذكر الله فيه إذا أتى على قصة السحرة ، أن فرعون توعدهم بالقطع والصلب ، ولم يذكر أنه فعل ذلك ، ولم يأت في ذلك حديث صحيح ، والجزم بوقوعه ، أو عدمه ، يتوقف على الدليل ، والله أعلم بذلك وغيره ، ولكن توعده إياهم بذلك مع اقتداره ، دليل على وقوعه ، ولأنه لو لم يقع لذكره الله ، ولاتفاق الناقلين على ذلك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ ءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغۡفِرَ لَنَا خَطَٰيَٰنَا وَمَآ أَكۡرَهۡتَنَا عَلَيۡهِ مِنَ ٱلسِّحۡرِۗ وَٱللَّهُ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓ} (73)

{ إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا } من الكفر والمعاصي . { وما أكرهتنا عليه من السحر } من معارضة المعجزة . روي أنهم قالوا لفرعون أرنا موسى نائما فوجدوه تحرسه العصا فقالوا ما هذا بسحر فإن الساحر إذا نام بطل سحره فأبى إلا أن يعارضوه . { والله خير وأبقى } جزاء أو خير ثوابا وأبقى عقابا .