فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّآ ءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغۡفِرَ لَنَا خَطَٰيَٰنَا وَمَآ أَكۡرَهۡتَنَا عَلَيۡهِ مِنَ ٱلسِّحۡرِۗ وَٱللَّهُ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓ} (73)

{ إِنَّا آمَنَّا بِرَبّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خطايانا } التي سلفت منا من الكفر وغيره { وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السحر } معطوف على { خطايانا } أي ويغفر لنا الذي أكرهتنا عليه من عمل السحر في معارضة موسى فما في محل نصب على المفعولية وقيل : هي نافية ، قال النحاس : والأوّل أولى . قيل : ويجوز أن يكون في محل رفع بالابتداء والخبر مقدّر ، أي وما أكرهتنا عليه من السحر موضوع عنا { والله خَيْرٌ وأبقى } أي خير منك ثواباً وأبقى منك عقاباً ، وهذا جواب قوله : { ولتعلمنّ أينا أشدّ عذاباً وأبقى } . { إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى } المجرم هو المتلبس بالكفر والمعاصي ، ومعنى { لا يموت فيها ولا يحيى } : أنه لا يموت فيستريح ولا يحيى حياة تنفعه . قال المبرد : لا يموت ميتة مريحة ولا يحيا حياة ممتعة ، فهو يألم كما يألم الحي ، ويبلغ به حال الموت في المكروه ، إلا أنه لا يبطل فيها عن إحساس الألم ، والعرب تقول : فلان لا حيّ ولا ميت ، إذا كان غير منتفع بحياته ، وأنشد ابن الأنباري في مثل هذا :

ألا من لنفس لا تموت فينقضي *** شقاها ولا تحيا حياة لها طعم

وهذه الآية من جملة ما حكاه الله سبحانه من قول السحرة . وقيل : هو ابتداء كلام .

/خ76