تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

{ كلًّا } أي : لا حيلة ولا مناص لهم ، قد حقت عليهم كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون{[1229]} ، وذهب نفع الأقارب والأصدقاء . { إِنَّهَا لَظَى }


[1229]:- في ب: قد حقت عليهم كلمة ربك.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

10

وقوله : { يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ كَلا } أي : لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض ، وبأعز ما يجده من المال ، ولو بملء الأرض ذهبًا ، أو من ولده الذي كان في الدنيا حُشَاشة كبده ، يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به ، ولا يقبل منه . قال مجاهد والسدي : { فَصِيلَتِهِ } قبيلته وعشيرته . وقال عكرمة : فَخذه الذي هو منهم . وقال أشهب ، عن مالك : { فَصِيلَتِهِ } أمه .

وقوله : { إِنَّهَا لَظَى } يصف النار وشدة حرها { نزاعَةً لِلشَّوَى } قال ابن عباس ، ومجاهد : جلدة الرأس .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

و{ كَلاَّ } حرف ردع وإبطال لكلام سابق ، ولا يخلو من أن يذكر بعده كلام ، وهو هنا لإِبطال ما يخامر نفوس المجرم من الودادة ، نزل منزلة الكلام لأن الله مطلع عليه أو لإِبطال ما يتفوه به من تمنّي ذلك . قال تعالى : { ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً } [ النبأ : 40 ] ، ألا ترى أنه عبر عن قوله ذلك بالودادة ، في قوله تعالى : { يومئذٍ يودّ الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوّى بهم الأرض } [ النساء : 42 ] أي يصيرون من ترابها .

فالتقدير : يقال له كلا ، أي لا افتداء ولا إنجاء .

وجملة { إنها لظَى } استئناف بياني ناشىء عما أفاده حرف { كلا } من الإِبطال . وضمير { إنها } عائد إلى ما يشاهده المجرم قبالته من مرأى جهنم فأخبر بأن ذلك لظى . ولما كان { لظى } مقترناً بألف التأنيث أنّث الضمير باعتبار تأنيث الخبر واتبع اسمها بأوصاف . والمقصود التعريض بأنها أعدت له ، أي أنها تحرقك وتنزع شَواك ، وقد صرح بما وقع التعريض به في قوله : { تدعو من أدبر وتولى وجَمع فأوعى } ، أي تدعوك يا من أدبر عن دعوة التوحيد وتولى عنها ولم يعبأ إلاّ بجمع المال .

فحرف ( إنَّ ) للتوكيد للمعنى التعريضي من الخبر ، لا إلى الإِخبار بأن ما يشاهده لظى إذ ليس ذلك بمحل التردد . و { لظى } خبر ( إن ) .

ويجوز أن يكون ضمير { إنها } ضمير القصة وهو ضمير الشأن ، أي إن قصتك وشأنك لَظى ، فتكون { لظى } مبتدأ .

وقرأ الجمهور { نزّاعةٌ } بالرفع فهو خبر ثان عن ( إنَّ ) إن جعل الضمير ضميراً عائداً إلى النار المشاهدة ، أو هو خبر عن { لظى } إن جعل الضمير ضمير القصة وجُعل { لظى } مبتدأ .

وقرأه حفص بالنصب على الحال فيتعين على قراءة حفص أن الضمير ليس ضمير قصة . والتعريض هو هو ، وحرف ( إنّ ) إما للتوكيد متوجهاً إلى المعنى التعريضي كما تقدم ، وإما لمجرد الاهتمام بالجملة التي بعده لأن الجمل المفتتحة بضمير الشأن من الأَخبار المهتم بها .

و { لَظى } : علَم منقول من اسم اللهب ، جعل علَماً ل « جهنم » ، وألفه ألف تأنيث ، وأصله : لظى بوزن فتًى منوناً اسم جنس للهب النار .

فنقل اسم الجنس إلى جعله عَلَماً على واحد من جنسه ، فقرن بألف تأنيث تنبيهاً بذلك التغيير على نقله إلى العلمية .

والعرب قد يدخلون تغييراً على الاسم غير العلم إذا نقلوه إلى العلمية كما سموا شُمْس بضم الشين منقولاً من شَمْس بفتح الشين . كما قال ابن جني في شرح قول تأبط شراً :

إني لمهد من ثنائي فقاصدٌ *** به لابنِ عمِّ الصِدِق شُمْسسِ بنِ مالك

وليس من العلَم بالغلبة إذ ليس معرفاً ولا مضافاً ، ولاجتماع العلمية والتأنيث فيه كان ممنوعاً من الصرف فلا تقول : لظًى بالتنوين إلاّ إذا أردت جنس اللهب ، ولا تقول : اللَّظَى إلاّ إذا أردت لهباً معيناً ، فأما إذا أردت اسم جهنم فتقول لظى بألف التأنيث دون تنوين ودون تعريف .