تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلشَّيَٰطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُۥ وَيَعۡمَلُونَ عَمَلٗا دُونَ ذَٰلِكَۖ وَكُنَّا لَهُمۡ حَٰفِظِينَ} (82)

{ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ } وهذا أيضا من خصائص سليمان عليه السلام ، أن الله سخر له الشياطين والعفاريت ، وسلطه على تسخيرهم في الأعمال ، التي لا يقدر على كثير منها غيرهم ، فكان منهم من يغوص له في البحر ، ويستخرج الدر ، واللؤلؤ ، وغير ذلك ، ومنهم من يعمل له { مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ } وسخر طائفة منهم ، لبناء بيت المقدس ، ومات ، وهم على عمله ، وبقوا بعده سنة ، حتى علموا موته ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى .

{ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ } أي : لا يقدرون على الامتناع منه وعصيانه ، بل حفظهم الله له ، بقوته وعزته ، وسلطانه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلشَّيَٰطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُۥ وَيَعۡمَلُونَ عَمَلٗا دُونَ ذَٰلِكَۖ وَكُنَّا لَهُمۡ حَٰفِظِينَ} (82)

وقوله : { وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ } أي : في الماء يستخرجون اللآلئ [ وغير ذلك . { وَيَعْمَلُونَ عَمَلا دُونَ ذَلِكَ } أي : غير ذلك ، كما قال تعالى : { وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * ] {[19745]} وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ } . [ ص : 37 ، 38 ] .

وقوله : { وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ } {[19746]} أي : يحرسه الله أن يناله أحد من الشياطين بسوء ، بل كل في قبضته وتحت قهره لا يتجاسر أحد منهم على الدنو إليه والقرب منه ، بل هو مُحَكَّم{[19747]} فيهم ، إن شاء أطلق ، وإن شاء حبس منهم من يشاء ؛ ولهذا قال : { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ }


[19745]:- زيادة من ف ، أ.
[19746]:- في ف : "له".
[19747]:- في ف ، أ : "يحكم".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلشَّيَٰطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُۥ وَيَعۡمَلُونَ عَمَلٗا دُونَ ذَٰلِكَۖ وَكُنَّا لَهُمۡ حَٰفِظِينَ} (82)

يحتمل أن يكون قوله تعالى : { يغوصون } في موضع نصب على معنى وسخرنا ، ويحتمل أن يكون في موضع رفع على الابتداء ، ويتناسب هذا مع القراءتين المتقدمتين في قوله تعالى : { ولسليمان الريح } [ سبأ : 12 ] بالنصب والرفع وقوله تعالى : { يغوصون } جمع على معنى { من } لا على لفظها . و «الغوص » الدخول في الماء والأَرض والعمل دون ذلك البنيان وغيره من الصنائع والخدمة ونحوه ، وقوله تعالى : { وكما لهم حافظين } قيل معناه من إفسادهم ما صنعوه فإنهم كان لهم حرص على ذلك لولا ما حال الله تعالى : «بينهم وبين ذلك » ، وقيل معناه عادين وحاصرين أي لا يشذ عن علمنا وتسخيرنا أحد منهم .