{ فَكَذَّبُوهُ ْ } بعد ما دعاهم ليلاً ونهارًا ، سرًا وجهارًا ، فلم يزدهم دعاؤه إلا فرارًا ، { فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ ْ } الذي أمرناه أن يصنعه بأعيننا ، وقلنا له إذا فار التنور : ف { احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ْ } ففعل ذلك .
فأمر الله السماء أن تمطر بماء منهمر وفجر الأرض عيونًا ، فالتقى الماء على أمر قد قدر : { وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ْ } تجري بأعيننا ، { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ ْ } في الأرض بعد إهلاك المكذبين .
ثم بارك الله في ذريته ، وجعل ذريته ، هم الباقين ، ونشرهم في أقطار الأرض ، { وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ْ } بعد ذلك البيان ، وإقامة البرهان ، { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ْ } وهو : الهلاك المخزي ، واللعنة المتتابعة عليهم في كل قرن يأتي بعدهم ، لا تسمع فيهم إلا لوما ، ولا ترى إلا قدحًا وذمًا .
فليحذر هؤلاء المكذبون ، أن يحل بهم ما حل بأولئك الأقوام المكذبين من الهلاك ، والخزي ، والنكال .
وقوله تعالى : { فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ } {[14337]} أي : على دينه { فِي الْفُلْكِ } وهي : السفينة ، { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ } أي : في الأرض ، { وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ } أي : يا محمد كيف أنجينا المؤمنين ، وأهلكنا المكذبين .
القول في تأويل قوله تعالى : { فَكَذّبُوهُ فَنَجّيْنَاهُ وَمَن مّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ } .
يقول تعالى ذكره : فكذّب نوحا قومه فيما أخبرهم به عن الله من الرسالة والوحي ، فنجيناه ومن معه ممن حمل معه في الفلك ، يعني في السفينة ، وجَعَلْنَاهُمْ خَلاِئفَ يقول : وجعلنا الذين نجينا مع نوح في السفينة خلائف في الأرض من قومه الذين كذّبوه بعد أن أغرقنا الذين كذّبوا بآياتنا ، يعني حججنا وأدلتنا على توحيدنا ، ورسالة رسولنا نوح . يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فانظر يا محمد كيف كان عاقبة المنذرين ، وهم الذين أنذرهم نوح عقاب الله على تكذيبهم إياه وعبادتهم الأصنام ، يقول له جلّ ثناؤه : انظر ماذا أعقبهم تكذيبهم رسولهم ، فإن عاقبة من كذّبك من قومك أن تمادوا في كفرهم وطغيانهم على ربهم نحو الذي كان من عاقبة قوم نوح حين كذّبوه ، يقول جلّ ثناؤه : فليحذروا أن يحلّ بهم مثل الذي حلّ بهم إن لم يتوبوا .
{ فكذبوه } فأصروا على تكذيبه بعدما ألزمهم الحجة وبين أن توليهم ليس إلا لعنادهم وتمردهم لا جرم حقت عليهم كلمة العذاب . { فنجّيناه } من الغرق . { ومن معه في الفلك } وكانوا ثمانين . { وجعلناكم خلائف } من الهالكين به . { وأغرقنا الذين كذّبوا بآياتنا } بالطوفان . { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين } تعظيم لما جرى عليهم وتحذير لمن كذب الرسول صلى الله عليه وسلم وتسلية له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.