تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِن يَصۡبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡۖ وَإِن يَسۡتَعۡتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِينَ} (24)

{ فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ } فلا جَلَدَ عليها ، ولا صبر ، وكل حالة قُدِّر إمكان الصبر عليها ، فالنار لا يمكن الصبر عليها ، وكيف الصبر على نار ، قد اشتد حرها ، وزادت على نار الدنيا ، بسبعين ضعفًا ، وعظم غليان حميمها ، وزاد نتن صديدها ، وتضاعف برد زمهريرها وعظمت سلاسلها وأغلالها ، وكبرت مقامعها ، وغلظ خُزَّانها ، وزال ما في قلوبهم من رحمتهم ، وختام ذلك سخط الجبار ، وقوله لهم حين يدعونه ويستغيثون : { اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ }

{ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا } أي : يطلبوا أن يزال عنهم العتب ، ويرجعوا إلى الدنيا ، ليستأنفوا العمل . { فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ } لأنه ذهب وقته ، وعمروا ، ما يعمر فيه من تذكر وجاءهم النذير وانقطعت حجتهم ، مع أن استعتابهم ، كذب منهم { وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَإِن يَصۡبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡۖ وَإِن يَسۡتَعۡتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِينَ} (24)

وقوله : { فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ } أي : سواء عليهم أصبروا أم لم يصبروا هم في النار ، لا محيد لهم عنها ، ولا خروج لهم منها . وإن طلبوا أن يستعتبوا ويبدوا أعذارا {[25689]} فما لهم أعذار ، ولا تُقَال لهم عثرات .

قال ابن جرير : ومعنى قوله : { وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا } أي : يسألوا الرجعة إلى الدنيا ، فلا جواب لهم - قال : وهذا كقوله تعالى إخبارا عنهم : { قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ } [ المؤمنون : 106 - 108 ] .


[25689]:- (9) في ت، أ: "أعذارهم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَإِن يَصۡبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡۖ وَإِن يَسۡتَعۡتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِينَ} (24)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَإِن يَصْبِرُواْ فَالنّارُ مَثْوًى لّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مّنَ الْمُعْتَبِينَ } .

يقول تعالى ذكره : فإن يصبر هؤلاء الذين يحشرون إلى النار على النار ، فالنار مسكن لهم ومنزل ، وإنْ يَسْتَعْتِبُوا يقول : وإن يسألوا العُتبى ، وهي الرجعة لهم إلى الذي يحبون بتخفيف العذاب عنهم فَمَا هُمْ مِنَ المَعْتَبِينَ يقول : فليسوا بالقوم الذين يرجع بهم إلى الجنة ، فيخفف عنهم ما هم فيه من العذاب ، وذلك كقوله جلّ ثناؤه مخبرا عنهم : قالُوا رَبّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شقْوَتَنا . . . إلى قوله وَلا تُكَلّمُونِ وكقولهم لخزنة جهنم : ادْعُوا رَبّكُمْ يُخَفّفْ عَنّا يَوْما مِنَ العَذابِ . . . إلى قوله : وَما دعاءُ الكافرَينَ إلاّ فِي ضَلالِ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَإِن يَصۡبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡۖ وَإِن يَسۡتَعۡتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِينَ} (24)

{ فإن يصبروا فالنار مثوى لهم } لا خلاص لهم عنها . { وإن يستعتبوا } يسألوا العتبى وهي الرجوع إلى ما يحبون . { فما هم من المعتبين } المجابين إليها ونظيره قوله تعالى حكاية { أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص } وقرئ { وأن يستعتبوا فما هم من المعتبين } ، أي إن يسألوا أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون لفوات المكنة .