اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَإِن يَصۡبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡۖ وَإِن يَسۡتَعۡتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِينَ} (24)

قوله تعالى : { فَإِن يَصْبِرُواْ فالنار مَثْوًى لَّهُمْ } أي سكن لهم ، يعني إن أمسكوا عن الاستغاثة لفرجٍ ينتظرونه لم يجدوا ذلك وتكون النار مثوى لهم أيم مقاماً لهم{[48748]} .

قوله : { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ المعتبين } العامة على فتح الياء من «يَسْتَعْتِبُوا » وكسر التاء الثانية مبنياً للفاعل { فما هم من المعتبين } بكسر التاء اسم الفاعل ومعناه وإن طلبوا العُتْبَى وهي الرضا فما هم ممن يعطاها . والمعتب الذي قبل عتابه وأجيب إلى ما سأل ، يقال : أعتبني فلانٌ ، أي أرضاني بعد إسخاطه إيَّاي ، وا ستعتبته طلبت منه أن يعتب أي يرضى . وقيل : المعنى وإن طلبوا زوال ما يعتبون فيه فماهم من المجابين إلى إزالة العتب . وأصل العتب المكان النَّائي بنازله ، ومنه قيل لأسكفَّة{[48749]} الباب والمرقاة : عتبة ، ويعبر بالعتب عن الغلظة التي يجدها الإنسان في صدره على صاحبه ، وعتبت فلاناً أبرزت له الغلظة ، وأعتبته أزلت عتباه كأشكيته وقيل : حملته على العتب{[48750]} .

وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد : وإن يُستعتبوا مبنياً للمفعول{[48751]} فما هم من المُعْتِبِينَ اسم فاعل بمعنى إن يطلب منهم أن يرضوا فما هم فاعلون ذلك ، لأنهم فارقوا دار التكليف{[48752]} ، وقيل : معناه أن يطلب ما لا يعتبون عليه فما هم ممَّن{[48753]} يريد العُتْبَى وقال أبو ذؤيب :

4363 أَمِنَ المَنُونِ وَرَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ *** والدَّهْرُ لَيْسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ{[48754]}


[48748]:قاله الرازي في مرجعه السابق.
[48749]:وهي السفلى وانظر معالم التنزيل للإمام البغوي 6/110، واللسان لابن منظور عتب 2/2793.
[48750]:المرجع السابق وص 2792 منه.
[48751]:قراءة شاذة ذكرها أبو الفتح ابن جني في المحتسب 2/245 وابن خالويه في المختصر 133.
[48752]:بالمعنى من الكشاف 3/451 وانظر البحر المحيط 7/494.
[48753]:قاله أبو البقاء في التبيان 1126.
[48754]:من تمام الكامل له يرثي أولاده وهو يخاطب نفسه على العادة القديمة، والمنون: الموت والجوع وهو جمع منية والمعتب اسم فاعل من أعتب أي الذي يزيل سبب العتب. والشاهد: في معتب وهي بمعنى إزالة العتب أي سببه وانظر ديوان المفضليات 580، وديوان الهذليين 1/1، والسبع الطوال لابن الأنباري أبي بكر 460 والبحر المحيط 7/494 والكشاف 4/25، واللسان منن 4277 وشرح شواهد الكشاف 425.