الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَإِن يَصۡبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡۖ وَإِن يَسۡتَعۡتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِينَ} (24)

قوله : { يَسْتَعْتِبُواْ } : العامَّةُ على فَتْحِ الياءِ وكسرِ التاءِ الثانيةِ مبنيَّاً للفاعلِ . { فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ } بفتح التاء اسمَ مفعول ، ومعناه : وإنْ طَلبوا العُتْبى وهي الرِّضا فما هم مِمَّنْ يُعْطاها . وقيل : المعنى : وإنْ طَلَبوا زوالَ ما يُعْتَبُون فيه فما هم من المُجابين إلى إزالةِ العَتَبِ .

وأصلُ العَتَبِ : المكانُ النائِي بنازِلَةٍ ، ومنه قيل لأُسْكُفَّةِ الباب والمِرْقاة : عَتَبة ، ويُعَبَّر بالعَتَبِ عن الغِلْظَة التي يَجدها الإِنسانُ في صدرِه على صاحبِه . وعَتَبْتُ فلاناً : أبرزْتُ له الغِلْظَة . وأَعْتَبْتُه : أَزَلْتُ عُتْباه كأَشْكَيْتُه . وقيل : حَمَلْتُه على العَتَب .

وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد " وإن يُسْتَعْتَبوا " مبنيَّاً للمفعولِ . { فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ } اسمَ فاعلٍ بمعنى : إنْ يُطْلَبْ منهم أن يُرْضُوا فما هم فاعِلون ذلك ، لأنهم فارَقوا دارَ التكليف . وقيل معناه : إنْ يُطْلَبْ ما لا يُعْتَبُون عليه فما هم مِمَّنْ يُزيل العُتْبى . وقال أبو ذؤْيبٍ :

3957 أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبِه تَتَوَجَّعُ *** والدهرُ ليسَ بمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ