البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَإِن يَصۡبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡۖ وَإِن يَسۡتَعۡتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِينَ} (24)

{ فإن يصبروا } : خطاب للنبي عليه السلام ، قيل : وفي الكلام حذف تقديره : أولاً يصبروا ، كقوله : { فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم } وذلك في يوم القيامة .

وقيل : التقدير : فإن يصبروا على ترك دينك واتباع أهوائهم ، { فالنار مثوى لهم } : أي مكان إقامة .

وقرأ الجمهور : { وإن يستعتبوا } مبنياً للفاعل ، { فما هم من المعتبين } : اسم مفعول .

قال الضحاك : إن يعتذروا فما هم من المعذورين ؛ وقيل : وإن طلبوا العتبى ، وهي الرضا ، فما هم ممن يعطاها ويستوجبها .

وقرأ الحسن ، وعمرو بن عبيد ، وموسى الأسواري : وإن يستعتبوا : مبنياً للمفعول ، فما هم من المعتبين : اسم فاعل ، أي طلب منهم أن يرضوا ربهم ، فما هم فاعلون ، ولا يكون ذلك لأنهم قد فارقوا الدنيا دار الأعمال ، كما قال صلى الله عليه وسلم : « ليس بعد الموت مستعتب » وقال أبو ذؤيب :

أمن المنون وريبها تتوجع *** والدهر ليس بمعتب من يجزع

ويحتمل أن تكون هذه القراءة بمعنى : ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه .