فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَإِن يَصۡبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡۖ وَإِن يَسۡتَعۡتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِينَ} (24)

ثم أخبر عن حالهم ، فقال : { فَإِن يَصْبِرُواْ فالنار مَثْوًى لَّهُمْ } أي فإن يصبروا على النار ، فالنار مثواهم ، أي محل استقرارهم ، وإقامتهم لا خروج لهم منها . وقيل المعنى : فإن يصبروا في الدنيا على أعمال أهل النار ، فالنار مثوى لهم { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مّنَ المعتبين } يقال : أعتبني فلان ، أي : أرضاني بعد إسخاطه إياي ، واستعتبته طلبت منه أن يرضى ، والمعنى : أنهم إن يسألوا أن يرجع بهم إلى ما يحبون لم يرجع ، لأنهم لا يستحقون ذلك . قال الخليل : تقول : استعبته ، فأعتبني ، أي : استرضيته ، فأرضاني ، ومعنى الآية : إن يطلبوا الرضى لم يقع الرضى عنهم ، بل لابدّ لهم من النار . قرأ الجمهور { يستعتبوا } بفتح التحتية ، وكسر التاء الفوقية الثانية مبنياً للفاعل . وقرؤوا : { من المعتبين } بفتح الفوقية اسم مفعول ، وقرأ الحسن وعبيد بن عمير وأبو العالية : { يستعتبوا } مبنياً للمفعول { فما هم من المعتبين } اسم فاعل ، أي إنهم إن أقالهم الله ، وردّهم إلى الدنيا لم يعملوا بطاعته كما في قوله سبحانه : { وَلَوْ رُدُّواْ لعادوا لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [ الأنعام : 28 ] .

/خ24