تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (16)

وأن قوله تعالى : { إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ } أن هذا ما وقع لقريش كما تقدم . وإذا نزلت هذه الآيات على هذين المعنيين لم تجد في اللفظ ما يمنع من ذلك .

بل تجدها مطابقة لهما أتم المطابقة وهذا الذي يظهر عندي ويترجح والله أعلم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (16)

قوله تعالى : " يوم " محمول على ما دل عليه " منتقمون " ، أي ننتقم منهم يوم نبطش . وأبعده بعض النحويين بسبب أن ما بعد " إن " لا يفسر ما قبلها . وقيل : إن العامل فيه " منتقمون " . وهو بعيد أيضا ؛ لأن ما بعد " إن " لا يعمل فيما قبلها . ولا يحسن تعلقه بقوله : " عائدون " ولا بقوله : " إنا كاشفوا العذاب " ؛ إذ ليس المعنى عليه . ويجوز نصبه بإضمار فعل ، كأنه قال : ذكرهم أو أذكر . ويجوز أن يكون المعنى فإنهم عائدون ، فإذا عدتم أنتقم منكم يوم نبطش البطشة الكبرى . ولهذا وصل هذا بقصة فرعون ، فإنهم وعدوا موسى الإيمان إن كشف عنهم العذاب ، ثم لم يؤمنوا حتى غرقوا . وقيل : " إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون " كلام تام . ثم ابتدأ : " يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون " أي ننتقم من جميع الكفار . وقيل : المعنى وارتقب الدخان وارتقب يوم نبطش ، فحذف واو العطف ، كما تقول : اتق النار اتق العذاب . و " البطشة الكبرى " في قول ابن مسعود : يوم بدر . وهو قول ابن عباس وأبي بن كعب ومجاهد والضحاك . وقيل : عذاب جهنم يوم القيامة ، قاله الحسن وعكرمة وابن عباس أيضا ، واختاره الزجاج . وقيل : دخان يقع في الدنيا ، أو جوع أو قحط يقع قبل يوم القيامة . الماوردي : ويحتمل أنها قيام الساعة ؛ لأنها خاتمة بطشاته في الدنيا . ويقال : انتقم الله منه ، أي عاقبه . والاسم منه النقمة{[13715]} والجمع النقمات . وقيل بالفرق بين النقمة والعقوبة ، فالعقوبة بعد المعصية لأنها من العاقبة . والنقمة قد تكون قبلها . قاله ابن عباس . وقيل : العقوبة ما تقدرت والانتقام غير مقدر .


[13715]:في كتب اللغة:" النقمة بالكسر والفتح وكفرحة جمع نقم ككلم وعنب وكلمات".
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (16)

قوله : { يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون } { يوم } منصوب على الظرف . وتقديره : ننتقم يوم نبطش . وقيل : منصوب بإضمار فعل والتقدير : اذكر يا محمد يوم نبطش {[4165]} وفي المراد بالبطشة الكبرى قولان :

أحدهما : أنه يوم بدر . وهو قول ابن مسعود وابن عباس وآخرين . قالوا : إن كفار مكة لما أزال الله تعالى عنهم القحط والجوع عادوا إلى التكذيب فانتقم الله منهم يوم بدر .

ثانيهما : أنه يوم القيامة . وهذه رواية عن ابن عباس . فقد قال : قال ابن مسعود : البطشة الكبرى يوم بدر ، وأنا أقول ، هي يوم القيامة . وهذا القول أولى بالصواب ، لأن يوم بدر لا يبلغ مبلغا يوصف فيه بهذا الوصف العظيم ، ولأن الانتقام التام إنما يحصل يوم القيامة . ولأن هذه البطشة قد وصفت بأنها كبرى فوجب أن تكون أعظم أنواع البطش ولا يكون ذلك إلا يوم القيامة{[4166]} .


[4165]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 358.
[4166]:تفسير الرازي جـ 27 ص 243 – 245 تفسير القرطبي جـ 16 ص 130 134.