تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٖ فَكَذَبَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (27)

{ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ } لأن ذلك يدل على هروبه منها ، وأنها هي التي طلبته فشقت قميصه من هذا الجانب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٖ فَكَذَبَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (27)

( وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ )

وإن كان قميصه قد من دبر فهو إذن من أثر تملصه منها وتعقبها هيله حتى الباب ، وهي كاذبة وهو صادق . وقدم الفرض الأول لأنه إن صح يقتضي صدقها وكذبه ، فهي السيدة وهذا فتى ، فمن باب اللياقة أن يذكر الفرض الأول ! والأمر لا يخرج عن أن يكون قرينة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٖ فَكَذَبَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (27)

قال نوف الشامي : كان يوسف عليه السلام لم يبن على كشف القصة ، فلما بغت به غضب فقال الحق ، فأخبره أنها هي راودته عن نفسه ، فروي أن الشاهد كان الرجل ابن عمها ، قال : انظر إلى القميص فإن كان قده من دبر فكذبت ، أو من قبل فصدقت ، قاله السدي . وقال ابن عباس : كان رجلاً من خاصة الملك ، قاله مجاهد وغيره . وقيل : إن الشاهد كان طفلاً في المهد فتكلم بهذا ، قاله أيضاً ابن عباس وأبو هريرة وابن جبير وهلال بن يساف والضحاك .

قال القاضي أبو محمد : ومما يضعف هذا أن في صحيح البخاري ومسلم : لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى بن مريم ، وصاحب جريج ، وابن السوداء الذي تمنت له أن يكون كالفاجر الجبار{[6644]} ، فقال : لم يتكلم وأسقط صاحب يوسف منها ، ومنها أن الصبي لو تكلم لكان الدليل نفس كلامه دون أن يحتاج إلى الاستدلال بالقميص . وأسند الطبري إلى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «تكلم في المهد أربعة » ، فذكر الثلاثة وزاد صاحب يوسف ، وذكر الطبري عن ابن عباس : أن ابن ماشطة فرعون تكلم في المهد ، فهم على هذا خمسة ، وقال مجاهد - أيضاً - الشاهد القميص .

قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف لأنه لا يوصف بأنه من الأهل .

وقرأ جمهور الناس : «من قبُلٍ » و «من دبُرٍ » بضم الباءين وبالتنوين ، وقرأ ابن يعمر والجارود بن أبي سبرة ونوح{[6645]} وابن أبي إسحاق «من قُبُلُ » و «من دُبُرُ » بثلاث ضمات من غير تنوين ، قال أبو الفتح : هما غايتان بنيتا ، كقوله تعالى : { من قبل ومن بعد }{[6646]} قال أبو حاتم : وهذا رديء في العربية جداً ، وإنما يقع هذا البناء في الظروف ، وقرأ الحسن «من قبْلٍ » و «من دبْرٍ » بإسكان الباءين والتنوين ، ورويت عن أبي عمرو وروي عن نوح القاري أنه أسكن الباءين وضم الأواخر ولم ينون ورواها عن ابن أبي إسحاق عن يحيى بن يعمر .

وسمي المتكلم بهذا الكلام { شاهد } من حيث دل على الشاهد ونفس الشاهد هو تخريق القميص .


[6644]:ورواه أيضا الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة، ولفظه فيه: (لم يتكلم في المهد إلا عيسى، وشاهد يوسف، وصاحب جرير، وابن ماشطة فرعون) ذكر ذلك الإمام السيوطي في "الجامع الصغير"، وقال: حديث صحيح. وفي تفسير ابن كثير أن ابن عباس رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تكلم أربعة وهم صغار)، وذكر فيهم شاهد يوسف، وقد ذكر ذلك ابن عطية هنا.
[6645]:هو نوح القاري، من رواة الحروف المتصدرين بعد أبي عمرو بن العلاء.
[6646]:من الآية (4) من سورة (الروم). ومعنى قول أبي الفتح شرحه بقوله في "المحتسب": كأنه يريد: وقدت قميصه من دبره وإن كان قميصه قد من قبله، فلما حذف المضاف إليه - وهي الهاء وهي مراده - صار المضاف غاية في نفسه بعد ما كان المضاف إليه غاية له، وهذا مفهوم في قوله تعالى: { من قبل ومن بعد}، فبني هنا كما نبي هناك على الضم، ووكد البناء أن "قبل ودبر" "يكونان ظرفين". تأمل كلامه هذا فكأن فيه إجابة عن قول أبي حاتم بعده.