يقول تعالى : إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ من لم تفد فيهم الآيات والنذر ، وهم الصُّمُّ عن استماع الحق الْبُكْمُ عن النطق به . الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ما ينفعهم ، ويؤثرونه على ما يضرهم ، فهؤلاء شر عند اللّه من جميع{[339]} الدواب ، لأن اللّه أعطاهم أسماعا وأبصارا وأفئدة ، ليستعملوها في طاعة اللّه ، فاستعملوها في معاصيه وعدموا - بذلك - الخير الكثير ، فإنهم كانوا بصدد أن يكونوا من خيار البرية .
فأبوا هذا الطريق ، واختاروا لأنفسهم أن يكونوا من شر البرية ، والسمع الذي نفاه اللّه عنهم ، سمع المعنى المؤثر في القلب ، وأما سمع الحجة ، فقد قامت حجة اللّه تعالى عليهم بما سمعوه من آياته ، وإنما لم يسمعهم السماع النافع ، لأنه لم يعلم فيهم خيرا يصلحون به لسماع آياته .
( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون )
ومن هنا يجيء ذكر الدواب في موضعه المناسب ! ولفظ ( الدواب ) يشمل الناس فيما يشمل ، فهم يدبون على الأرض ، ولكن استعماله يكثر في الدواب من الأنعام ، فيلقي ظله بمجرد إطلاقه ؛ ويخلع على ( الصم البكم الذين لا يعقلون ) صورة البهيمة في الحس والخيال ! وإنهم لكذلك ! إنهم لدواب بهذا الظل . بل هم شر الدواب ! فالبهائم لها آذان ولكنها لا تسمع إلا كلمات مبهمة ؛ ولها لسان ولكنها لا تنطق أصواتاً مفهومة . إلا أن البهائم مهتدية بفطرتها فيما يتعلق بشؤون حياتها الضرورية . أما هؤلاء الدواب فهم موكولون إلى إدراكهم الذي لا ينتفعون به . فهم شر الدواب قطعا !
المقصود بهذه الآية أن يبين أن هذه الصنيفة العاتية من الكفار هي شر الناس عند الله عز وجل ، وأنها أخس المنازل لديه ، عبر ب { الدواب } ليتأكد ذمهم وليفضل عليهم الكلب العقور والخنزير ونحوهما من السبع ، والخمس الفواسق وغيرها ، و { الدواب } كل ما دب فهو جميع الحيوان بجملته ، وقوله { الصم البكم } عبارة عما في قلوبهم وقلة انشراح صدورهم وإدراك عقولهم ، فلذلك وصفهم بالصم والبكم وسلب العقل ، وروي أن هذه الآية نزلت في طائفة من بني الدار{[5274]} وظاهرها العموم فيهم وفي غيرهم ممن اتصف بهذه الأوصاف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.